عاجل

بديل آمن للغاز الطبيعي.. مهندس بورسعيدي يبتكر مشروع لتوليد "الهيدروجين الأخضر"

مهندس بورسعيدي يبتكر
مهندس بورسعيدي يبتكر مشروع لتوليد الهيدروجين الاخضر

في وقتٍ تتسارع فيه خطوات العالم نحو مصادر طاقة بديلة، وبينما لا تزال العديد من الدول تبحث عن حلول لتقليل الاعتماد على الوقود "الأحفوري" كالغاز الطبيعي وغيره ، وتقليص الانبعاثات الكربونية ،خرج من محافظة بورسعيد شاب مصري طموح ليحمل للعالم العربي مشروعًا مبتكرًا قد يكون نقطة التحول نحو مستقبل أكثر استدامة.

مشروع "Hydro-X"، الذي يقوم على توليد "الهيدروجين الأخضر" بإستخدام تكنولوجيا التحليل الكهربائي للمياه، لا يُعد فقط إنجازًا علميًا جديدًا، بل يمثل رؤية عملية واقتصادية لتقليل استهلاك الغاز الطبيعي وتقديم بديل آمن وصديق للبيئة في القطاعات الصناعية والنقل داخل مصر والوطن العربي.

فريق عمل هيدرو اكس
فريق عمل هيدرو اكس

"الهيدروجين هو كلمة السر"

بدأت قصته منذ أن كان طالباً في المدرسة وكان يرى ان "الهيدروجين" هو كلمة السر لطاقة عالية القدرة ومتوفرة في البيئة ونقدر نستبدل بيها مصادر طاقة أصعب بكثير ، وبالطبع كانت كلها مجرد افكار وابحاث بدون تطبيق ، ولكن الفكرة كملت معه بعد سنوات من التخرج والتخصص والتفوق في تخصصه الهندسي وإدارة المشروعات .

ولكن كان العامل المادي هو العائق الأكبر لتنفيذ الفكرة ، ومنذ مايقرب من 3 سنوات ، بدأ أن يُكمل أبحاثه في المجال ،وعمل اول نموذج اختباري والنتيجة كانت انه يعمل ، وبالنتائج المحسوبة في المعادلات على الورق ،ظل  للوقت السابق يكمل تجاربه ويقوم بتعديلها وتطويرها، يقف حينا بسبب العوائق المادية ويشعر حينا بالاحباط او بالشك انه سيصل لهدف او مشروعه يرى النور.

تركيب الجهاز بالسيارة 
تركيب الجهاز بالسيارة 

استكمل أبحاثه وتجاربه وبذل الكثير من وقت وجهد واموال من ماله الخاص ،وقام بتصميم نماذج مختلفة وكل مرة يعدل ويطور من الأجهزة لتطويعها حتى تكون مناسبة لتشغيلها في المجالات المختلفة، ومنذ عام وضع خطة العمل واساس الشركة ، وقرر هو وفريق عمله أن يبدأ في هذا التوقيت  ،ويختبر السوق بعد أن قام بمراحل اختبارات اكثر وان يصبحوا جاهزين لمرحلة التصنيع.

وقام فريق العمل بالمشاركة في يوم هندسة جامعة بورسعيد وكانت ردود الافعال والاهتمام من مسئولين وشركات وكيانات كبيرة كان مؤشر واضح انهم يسيرون على الطريق السليم.

وبدأ مشروعهم من اول تصنيع اجهزة يتم تركيبها في السيارات لكي تحسن كفائتها وتوفر استهلاك الوقود، مرورا بتوليد الطاقة النظيفة للمصانع والكيانات الصناعية الكبيرة، لحد انشاء محطات توليد طاقة كاملة ومصر ممكن تدخل السباق العالمي في هذا المجال بفعالية كبيرة بفضل مشروع مثل هذا.

كان اساس المشروع كله فكر وجهد لشاب شغوف بحلمه وهدفه ،ونأمل في أن يدعمه المسئولين في الدولة ويتم استغلال هذا الفكر البناء  في احداث نقلة نوعية في مجال الطاقة النظيفة في مصر.

الأجهزة المصنعة في الشركة 
الأجهزة المصنعة في الشركة 

وبالفعل حصل مشروع Hydro-X  على المركز الأول على قسم الميكانيكا  على مستوى جامعات مصر في PSED - Port Said Engineering Day ، وباقي قبول ودعم الكثير من المسئولين والشركات المشاركة .

الفكرة الرئيسية:

الهدف هو تقديم حل متكامل للمصانع التي تستهلك كميات ضخمة من الغاز الطبيعي او خلافه من المحروقات للحصول على الطاقة الحرارية اللازمة للصناعة ، وحيث ان طاقة الهيدروجين تقارب ثلاثة اضعاف الطاقة الحرارية في معظم الوقود الاحفوري ، ويقدرتنا على تصنيع مولدات الهيدروجين محليا وبأيدي مصرية ، كانت فكرة مشروع مبنية على بناء محطات توليد للهيدروجين بديلة لمحطات الغاز حيث يستخدم غاز الهيدروجين كبديل للاحتراق في معدات الاحتراق مثل افران صهر المعادن او الغلايات وخلافه وبالتالى توفير في معدل استهلاك المصنع من الغاز يوميا ، ونظرا لطبيعة تلك الصناعات وكونها تقام على مساحات كبيرة وواسعة والذى بدوره يوفر مساحة لتركيب عدد اكبر من الخلايا الشمسية وتوفير طاقة اكبر لازدياد انتاج غاز الهيدروجين.

التوفير المتوقع

التوفير المطلوب لا يقل عن 20%. هذا التوفير قابل للتحقق من خلال توفير الطاقة اللازمة باستخدام خلايا الشمسية وربطها بمولدات الهيدروجين التي نقوم بتصنيعها محليا دون الحاجة للاستيراد الخارجي وانتاج كميات الغاز المطلوبة للاحتراق في العمليات الصناعية.

العملاء المستهدفون

المصانع التى لديها مساحات واسعة وتستهلك كميات كبيرة من الغاز الطبيعي، أمثلة على هذه المصانع تشمل: مصانع الأسمنت، مصانع الصلب، مصانع الكيماويات، مصانع البتروكيماويات.

مصانع الأسمنت حيث أن استهلاك الغاز اليومى: 10,000–30,000 متر مكعب.
أراضى واسعة مستخدمة لتركيب الألواح الشمسية ، ومصانع الحديد والصلب ويبلغ استهلاك الغاز المرتفع: 20,000–50,000 متر مكعب/يوم، مع إمكانية توفير انبعاثات كبيرة لتقليل البصمة الكربونية.

كما تستهدف مصانع البيرسباكس والزجاج ويبلغ استهلاك الغاز المتوسط 5,000–15,000 متر مكعب/يوم، مناسبة للتطبيقات صغيرة الطاقة، و مصانع الأغذية والمشروبات استهلاك الغاز: 3,000–10,000 متر مكعب/يوم ، إمكانية التطبيق في المصانع المضغوطة للمساحات المحدودة.

الجدوى الإقتصادية للمشروع تشير إلى انه التوفير في تكاليف الطاقة يمكن أن يحقق ربحا جيدا على سبيل المثال إذا كانت تكلفة الغاز الطبيعي لمصنع يبلغ 500 الف دولار سنوياً فإن التوفير سيكون حوالي 100 الف دولار سنوياً عند استخدام الهيدروجين الاخضر مع الأخذ في الاعتبار مصاريف الصيانة والتشغيل.

الجدوى البيئية 


استخدام الهيدروجين الناتج من خلايا الطاقة الشمسية يقلل من انبعاثات الكربون بنسبة 30% هذه خطوة كبيرة نحو الحفاظ على البيئة والحد من التلوث حيث أن عادم احتراق الهيدروجين هو فقط بخار ماء دون أي مكون كربوني ملوث للبيئة فـ1 متر مكعب من الهيدروجين يقلل الانبعاثات بحوالي 2.5 كيلو جرام من ثاني أكسيد الكربون.

كما ان  2000 متر مكعب/ اليوم ، حوالي 1.825 طن من ثاني أكسيد الكربون يتم توفيرها سنوياً ، يعزز امتثال المصانع للوائح البيئية ، وتعتمد فكرة جهاز توليد الهيدروجين الاخضر على توليد الهيدروجين من المياه وإيصالها بغرفة احتراق الوقود بالسيارة مما يؤدي إلى توفير استهلاك البنزين بنسبة تصل إلى 40% ، وتحسين كفاءة المحرك وزيادة قدرته ، تنظيف اجزاء المحرك من الكربون المتراكم وتنظيف دورة الاحتراق والعادم.

يوم هندسة بورسعيد 
يوم هندسة بورسعيد 

وبلقائنا مع المهندس محمد عكاشة ،مهندس قوى ميكانيكية ،وصاحب فكرة مشروع "هيدرو -اكس" ، قال لموقع "نيوز روم" :"فريقنا مكون من 4 أشخاص ، استطعنا هذا العام الفوز في يوم الهندسة بجامعة بورسعيد كأفضل مشروع وهو يوم يتم تنظيمه لكل عام لدعم المشروعات الجديدة والشركات الناشئة .

واضاف "عكاشة" قائلاً:" احنا بنعمل ايه؟ احنا شركة" هيدرو- اكس" و هي شركة ناشئة متخصصة في تقديم حلول للطاقة النظيفة ومتخصصة في توليد الهيدروجين الأخضر ،نقوم بتصنيع أجهزة أساسها عملية التحليل الكهربائي للمياه لكي تنتج خليط من غاز الهيدروجين والأكسجين والذي تبلغ طاقته الحرارية تقريبا 4 أضعاف الطاقة الحرارية الموجودة في الوقود الاحفوري.

المهندس محمد عكاشة مع أحدث أجهزة الشركة
المهندس محمد عكاشة مع أحدث أجهزة الشركة

لماذا الهيدروجين الاخضر ؟

وأوضح المهندس محمد عكاشة أن الموضوع مبني على التحليل الكهربائي للمياه لكي نستطيع استخراج غاز الهيدروجين من المياه وفصله عن عنصر الأكسجين من خلال تصنيع أجهزة تعمل على ذلك ، ولماذا سمي بالهيدروجين الأخضر ؟ لان الكهرباء التي تستخدمها في عملية فصل عناصر المياه بتكون جاية من مصدر طاقة كهربائية طبيعية سواء من الطاقة الشمسية او طاقة الرياح أو طاقة جاية من باطن الأرض ، ولكي يعلم الجميع أن غاز الهيدروجين غاز قابل للاحتراق ولكن طاقته الحرارية اكبر 4 مرات من الغاز الطبيعي ، بمعني أن لو طاقة الغاز الطبيعي الحرارية 30 فطاقة الهيدروجين تعادل 120 ميجا جول.

وأشار قائلا:" أن هدفنا هو أننا  قررنا حاليا ان نركز مع مصانع الصناعات الثقيلة كالاسمنت والزجاج والحديد والصلب والكيماويات ،لان بيكون لديهم هناجر كبيرة جدا لتخزين المواد الخاصة بهم أو التصنيع وفي نفس الوقت  وبيحرقوا كمية مهولة جدا  من الوقود، موضحاً فمشروعنا سيساعد على أما أن نقلل استخدامهم من الغاز الطبيعي أو الوقود المستخدم لديهم عن طريق تقديم غاز بديل يقلل من الاستهلاك عن طريق التحليل الكهربائي الذي نقوم به ونستخدم الأسطح الخاصة بهم من خلال أن تكسوها بالخلايا الشمسية المستخدمة في توليد الطاقة  التي يحتاجها إذا نكون بذلك حققنا أمرين إما ترشيد وتقليل استهلاكه من الغاز الطبيعي أو وتوفير غاز بديل له وأدى إلى استغناؤه عن الوقود الذي يحتاجه.

وتابع قائلا إنه :"تم تصنيع أجهزة صغيرة تستخدم للسيارات يتم تركيبها بداخل السيارة بجانب الماكينة وحقنها فيها تعمل على توفير استهلاك الوقود وتحسين كفاءة المحركات ، والاسعار حسب حجم موتور السيارة فالمتوسط من 1400 ل 2000 cc  وتبدأ اسعارها من 4 آلاف جنيها وهي دائمة الاستخدام ليس لها عمر معين لكن يتم صيانتها بعد 3 سنوات من الاستخدام المتواصل ، وتكون الصيانة من خلال الشركة ونحن بصدد أن يتم تقدمها مجانا لعملائنا ".

وعن مخاطر احتراق الغاز الطبيعي والغازات الأخرى أكد المهندس محمد عكاشة أنه ينتج عنها غاز  ثاني وأول أكسيد الكربون مما يؤدي إلى الأمطار الحمضية والمخاطر الصحية والبيئية الخطيرة ،لكن احتراق غاز الهيدروجين ينتج عنه بخار الماء فقط وهذه المصانع تدفع سنويا أموال كثيرة بسبب تلويثهم للبيئة.

وأكد أن الشركة ما زالت في بداية مشوارها ، والعالم جميعا يقوم بإستخدام الهيدروجين الأخضر ، ولكن الأمر يحتاج إلى البحث المتواصل والتطوير لنظرية استخدامه ،وهذا ما فعلناه بالفعل ، ونطمح إن نكون شركة عالمية تقدم الطاقة بالحلول البديلة ،للمصانع الكبرى للبعد البيئي اولا ثم لتقليل الاستهلاك للغاز الطبيعي ،موضحا أن مجال الهيدروجين الاخضر في العالم يتم التوسع فيه كاستخدام ودراسة ولكننا في مصر والشرق الأوسط الأساس له لوجود الطاقة الشمسية والطاقات المتجددة بشكل أكبر ، ولكننا أول شركة بعقول مصرية تكون رائدة في استخدام الهيدروجين الاخضر في الوطن العربي ،وليس بفكر وايادي غربية أوروبية .

وأشار إلى أن الشركة ومنتجاتها هي صناعة مصرية 100% ، ويتمنى أن تثبت وجودها في السوق المصري، ثم يقدموا هذه الحلول في الشرق الأوسط ودول افريقيا، لأن لديهم الطاقة الشمسية بشكل أكبر وتستطيع تلك الدول استخدام وتوليد الهيدروجين بشكل اكبر.

مشكلات تواجه توليد الهيدروجين 

وعن المشكلات التي تواجه توليد الهيدروجين الاخضر في مصر ، أوضح أن اكبر المشكلات التي تواجههم هو صعوبة التخزين ، فما نقوم بتوليده يتم احتراقه ،ولدينا اقتراح لكيفية نقله عن طريقين الأول أن نجعله سائل لنستطيع تخزينه كما يتم في الغاز الطبيعي ،او أن يتم تحويله إلى امونيا خضراء وهي عبارة عن غاز أيضا حيث نقوم بتغطية الهيدروجين الاخضر بالامونيا ونجعله غاز قابل للاحتراق.

نحتاج دعم وزارة الصناعة

واختتم المهندس محمد عكاشة قائلا:" نتمنى أن تدعم الدولة مشروعنا والمشروعات الجديدة خاصة في مجال الطاقة فتوفير الطاقة أكثر شيء نحتاجه حاليا ،وتوفير الاحتياجات الخاصة كعمل مراكز بحث تستطيع الشركات الناشئة في مجال الطاقة عمل أبحاثها لديها ، اعلم أننا مازلنا في البداية لذلك ،ولكن ليس هناك قاعدة علمية نعتمد عليها فنأمل أن يتم فتح الباب لنا لعرض احتياجاتنا من معامل بشكل معين أو دعم علمي محدد ،وان شاء الله نستطيع مع الوقت الاستغناء عن أي طاقة غير متجددة ونجد لها بدائل آمنة سواء للمصانع والصناعات الثقيلة أو اي مصنع يستخدم الوقود الاحفوري ،حيث أن الطاقة الموجودة في الهيدروجين تبلغ 150 الف كيلو جول لكل كيلو جرام ، متوسط الوقود الاحفوري 40 الف كيلو جول لكل كيلو جرام .

مبيعات الشركة 

وعن مبيعات الشركة قال :" ما زالت مبيعاتنا في البداية قليلة ،وهذا يعود إلى ثقافة المواطنين ،نحتاح إلى توعيتهم أكثر بفوائد مشروعنا وما سيعود عليهم بالنفع وكيفية الاستخدام الأمثل ، كما محتاج للتواصل اكبر مع أصحاب المصانع والشركات ، كما نحتاج إلى دعم وزارة الصناعة ومؤسسات الدولة الحكومية فمثلا لو تم استخدام أجهزتنا لوسائل المواصلات العامة والاتوبيسات النقل العام ستوفر الكثير على الدولة ونحن نأمل ذلك ، إن شاء الله نستطيع عمل شراكات مع المؤسسات الحكومية والمهتمة بالطاقة لاستخدام تلك الأجهزة وتجربتها لفترة وتصبح المصانع هذه صديقة للبيئة . 
 

تم نسخ الرابط