طفولة مُستباحة.. عمالة الأطفال المبكرة تُهدد مستقبل أجيال في المنيا
وسط صعوبات الحياة وتحدياتها الاقتصادية، يجد العديد من الأطفال في محافظة المنيا، أنفسهم مُجبرين على ترك مقاعد الدراسة والانخراط في سوق العمل في سن مبكرة، هؤلاء الأطفال الذين لم تكتمل بعد سنوات عمرهم الأولى، يتحملون مسؤوليات تفوق طاقتهم، ساعين جاهدين لمساعدة أسرهم في توفير لقمة العيش ومواجهة أعباء الحياة المتزايدة.
ضغوط المعيشة تدفع أطفال المنيا إلى سوق العمل في سن مبكرة وهذه الظاهرة المتفشية لا تحرمهم فقط من حقهم الطبيعي في الطفولة واللعب والتعليم، بل تُنذر بعواقب وخيمة على مستقبلهم ومستقبل المجتمع ككل.
"أعمل لأساعد أبي".. حكايات أطفال يصارعون قسوة الحياة
محمد عبد الحميد، طفل لم يتجاوز المرحلة الابتدائية بعد، هو واحد من هؤلاء الأطفال الذين وجدوا أنفسهم في ورشة ميكانيكا بمدينة المنيا، لا يلهو مع أقرانه بل يقضي ساعات طويلة في العمل الشاق، يده الصغيرة تتلطخ بالشحوم والزيوت، يتعلم أصول المهنة تحت إشراف صاحب الورشة.
يقول محمد لـ"نيوز رووم"، أنا في المرحلة الابتدائية، وأعمل هنا لأساعد والدي في مصاريف البيت العمل صعب ويتعب، لكنني أتعلم مهنة ستنفعني في المستقبل، والأهم أنني أستطيع أن أساهم ولو بجزء بسيط في دخل الأسرة.
العمالة المبكرة.. طريق مسدود أمام التعليم وفرص المستقبل
قصة محمد ليست فريدة من نوعها في محافظة المنيا، حيث تشير التقارير في الآونة الأخيري إلى ارتفاع معدلات عمالة الأطفال، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها العديد من الأسر، هذا الواقع المرير يدفع الأطفال إلى التخلي عن استكمال تعليمهم الأساسي، أو الاكتفاء بمراحل التعليم الفني كمدارس الصناعة والتجارة والزراعة، اعتقادًا منهم بأن ذلك سيضمن لهم الحصول على وظيفة سريعة، إلا أن هذه النظرة قصيرة الأجل غالبًا ما تحرمهم من فرص النمو والتطور والارتقاء في سلم العمل في المستقبل.
مخاطر تهدد صحة وسلامة الأطفال العاملين
إضافة إلى حرمانهم من التعليم، يتعرض الأطفال العاملون في سن مبكرة لمخاطر صحية ونفسية كثيره، فهم غالبًا ما يعملون في ظروف غير آمنة، يتعرضون فيها للإصابات والأمراض المهنية، كما أنهم يعانون من الإرهاق الجسدي والعقلي والضغوط النفسية التي تؤثر سلبًا على نموهم وتطورهم، و أشارت بعض التقارير إلى أن محافظة المنيا تحتل مراكز متقدمة في معدلات عمالة الأطفال في بعض القطاعات الخطرة مثل المحاجر، مما يعرض حياة هؤلاء الأطفال للخطر الشديد.
دعوات للتحرك العاجل لحماية أطفال المنيا من براثن العمالة
إن ظاهرة عمالة الأطفال في المنيا تتطلب تدخلًا عاجلًا من كافة الجهات المعنية، بدءًا من تفعيل القوانين والتشريعات التي تحظر عمل الأطفال في سن مبكرة وتفرض عقوبات على المخالفين، وصولًا إلى توفير برامج دعم ومساعدة للأسر الفقيرة لتمكينها من إلحاق أطفالها بالمدارس وتوفير حياة كريمة لهم، وإن حماية هؤلاء الأطفال واستثمار طاقاتهم في التعليم هو استثمار في مستقبل مصر، وتمكينهم من الحصول على فرص أفضل في الحياة.
