إسرائيل تصادق على أكبر استدعاء احتياط منذ الحرب.. 450 ألف جندي وسط تمرد شعبي

في خطوة تعكس تصاعد التوتر الداخلي والأمني في إسرائيل، صادقت الحكومة الإسرائيلية، يوم الإثنين، على استدعاء ما يصل إلى 450 ألف جندي احتياط بموجب "أمر 8"، وذلك حتى 31 أغسطس 2025، في أكبر تعبئة عسكرية منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر. ويأتي هذا القرار في ظل تحفظات قانونية حادة وموجة انتقادات متصاعدة داخل الأوساط الحقوقية والشعبية.
تحفظات قانونية على "أمر 8"
بحسب ما أوردته صحيفة تايمز أوف إسرائيل، فإن قرار التعبئة جاء رغم رأي قانوني معارض أشار إلى وجود صعوبات دستورية في تمديد العمل بـ"أمر 8"، نتيجة فشل الحكومة في تجنيد أبناء المجتمع الحريدي (اليهود المتدينين) الذين ما زالوا يتمتعون بإعفاءات شبه كاملة من الخدمة العسكرية.
ويُعد "أمر 8" أحد أعلى درجات الاستدعاء العسكري الفوري، يُستخدم في حالات الطوارئ القصوى، ويُلزم جنود الاحتياط بالالتحاق الفوري بالخدمة دون الحاجة إلى إذن مسبق، ما يعكس حالة الجاهزية القصوى التي تسعى إليها المؤسسة العسكرية.
تكاليف باهظة وتمرد شعبي
الوثيقة الحكومية المرافقة للقرار كشفت أن التكلفة اليومية لكل جندي احتياط تبلغ نحو 1000 شيكل، تُموّل من دافعي الضرائب، ما أثار تساؤلات حادة حول العبء الاقتصادي والاجتماعي لتمديد الحرب وتوسيع العمليات العسكرية.
وفي هذا السياق، وجهت المحامية أيلت هشاحر سيدوف، رئيسة حركة "أمهات في الخط الأمامي"، انتقادًا لاذعًا للحكومة، ووصفت الحرب الجارية بأنها "حرب نتنياهو"، وقالت: "نطالب بوقف هذه الحرب التي تخدم حكومة سياسية مشبعة بالمتهربين من الخدمة. حكومة تكافئ المتهربين وتخون الجنود ليست جديرة بالشعب ولا بالجيش".
المستشارة القضائية: المساواة غائبة والعدالة مهددة
وفي كلمة لها خلال المؤتمر السنوي لنقابة المحامين، أكدت المستشارة القضائية للحكومة غالي بهراف-ميارا، أن التمييز في تحمل أعباء التجنيد يمس بمبدأ المساواة والعدالة، مشيرة إلى أن غياب قانون تجنيد موحد حتى الآن يفاقم الأزمة القانونية والأخلاقية.
وقالت بهراف-ميارا: "الجيش أوضح احتياجاته، لكن لا يوجد شعور بالمساواة، وهذا يشكل خطرًا حقيقيًا على الشعور العام بالعدالة. قانون الخدمة العسكرية يلزم بالتجنيد الموحد، والوضع الحالي لا يعكس هذا المبدأ".
وأضافت أن الحكومة يمكنها التحرك فورًا عبر ثلاثة مسارات: زيادة أوامر التجنيد، تفعيل أدوات إنفاذ القانون، وتوسيع العقوبات على المتخلفين، مؤكدة أن "الأمر بيد الوزراء، ولا يحتاج إلى تشريع جديد".
القرار أثار زلزالًا سياسيًا وأعاد فتح النقاش حول الشرعية القانونية للحرب، والمساواة في التضحية، وموقع الحريديين في المعادلة الوطنية، في وقت تعاني فيه إسرائيل من ضغوط داخلية وخارجية متصاعدة على خلفية حرب غزة المستمرة.