أوروبا على حافة الهاوية... مفاوضات أمريكية-روسية قد تغير مصير القارة

أدى قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بالبدء في مفاوضات "فورية" مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إلى حالة من الغموض والقلق في أوروبا. وفي خطوة غير مسبوقة منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، تم استبعاد الأوروبيين والأوكرانيين من هذه المفاوضات في مرحلة مبكرة، مما أثار تساؤلات عديدة بشأن مستقبل الحرب في كييف والعواقب المحتملة على القارة الأوروبية.
تفاصيل المفاوضات والقرار الأمريكي
أعلن الرئيس الأمريكي، في 12 فبراير 2025،عن بدء مفاوضات "فورية" بهدف إنهاء النزاع المستمر في أوكرانيا منذ ثلاث سنوات، و هذا الإعلان تم خلال قمة الأمن في ميونيخ، حيث التقى مسؤولون روس وأمريكيون للتباحث حول وقف الحرب.
وصرح وزير الدفاع الأمريكي، بيت هيغيث، قبل بدء المفاوضات، بأن الولايات المتحدة لن تقبل انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو، وأن حدود أوكرانيا لن تعود إلى ما كانت عليه قبل عام 2014، وتشير هذه التصريحات إلى أن روسيا تسعى للاحتفاظ بالأراضي التي احتلتها، بما في ذلك خمس مناطق أخرى في كييف منذ بداية الحرب في فبراير 2022.
المخاوف الأوروبية من التسوية السلبية
أثارت هذه المواقف قلقًا كبيرًا في أوساط القادة الأوروبيين، حيث حذر المستشار الألماني، أولاف شولتز، من "السلام المفروض"، في حين أعرب وزير الدفاع الفرنسي، سيباستيان لوكورنو، عن مخاوفه من أن يقدم ترامب "تنازلات كبيرة" لبوتين، كما أكد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أن "السلام الذي يتضمن استسلامًا، سيكون نبأ سيئًا للجميع".
التهديدات المستقبلية
رغم المفاوضات الجارية، لا يزال هناك احتمال لاتفاق غير مواتٍ لأوكرانيا، وهو ما قد يشكل تهديدًا مباشرًا لأوروبا، وحذر النائب الأوروبي، رافاييل غلوكسمان، من أن وقف إطلاق النار القائم على تقسيم أوكرانيا، قد يطلق المرحلة الثانية من الحرب، والتي يمكن أن تمتد إلى أراضي الاتحاد الأوروبي.
التوقعات المستقبلية والهجوم الروسي المحتمل
ولا يبدو أن الهجوم الروسي على دول الاتحاد الأوروبي وشيك في الوقت الحالي، لكن بعض المسؤولين يعتقدون أن موسكو قد تكون مستعدة للقيام بذلك في المستقبل، خاصة إذا شعرت بأن حلف شمال الأطلسي ضعيف أو منقسم.
التهديدات لأوروبا الشرقية
تشعر دول أوروبا الشرقية، مثل دول البلطيق، بولندا، ورومانيا، بأنها في الخط الأمامي في حال حدوث تصعيد، حيث تشهد هذه الدول بشكل دوري تحليقات للطائرات والمسيرات عبر أجوائها، ومنذ بداية الحرب، بدأت فنلندا في بناء جدار على حدودها مع روسيا، في حين قامت النرويج وبولندا ودول البلطيق بتقييد دخول المواطنين الروس إلى أراضيها.
الاستعدادات العسكرية الأوروبية
دعا بيت هيغيث، الدول الأوروبية إلى تعزيز استثماراتها في الدفاع الوطني لمواجهة هذه التهديدات ، وشدد على أن القارة الأوروبية تستحق أن تكون في مأمن من أي عدوا، ودعا الدول المجاورة لموسكو للاستثمار في الدفاع الجماعي والفردي.
وقد بدأت بعض الدول الأوروبية في الاستجابة لهذه الدعوة، حيث تعتزم بولندا رفع نفقاتها العسكرية إلى 5% من ناتجها المحلي الإجمالي بحلول عام 2025، بينما تستهدف ليتوانيا تخصيص 6% بحلول عام 2030.
في ظل التطورات الحالية، يظل مستقبل الحرب في أوكرانيا مفتوحًا على احتمالات عديدة، حيث تتوقف نتائج المفاوضات بين الولايات المتحدة وروسيا على قدرة الأطراف المعنية على تحقيق تسوية تحفظ استقرار المنطقة دون التضحية بالأمن الأوروبي، فإذا فشلت هذه المفاوضات في ضمان سيادة أوكرانيا وتفادي المزيد من التصعيد، فإن أوروبا قد تواجه تهديدات أكبر في المستقبل، ما يستدعي تعزيز استعداداتها الدفاعية وتعميق التعاون داخل حلف الناتو.