غزة وأوكرانيا.. هل ينذر عهد ترامب الجديد بنهاية الحروب؟

بعد أداء دونالد ترامب اليمين الدستوري ليصبح الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة خلفًا للرئيس السابق جو بايدن بتاريخ 20 من يناير الجاري، قال في خطاب تنصيبه إن إنهاء الحربين في أوكرانيا وغزة هو موضوع يحتل صدارة أجندته السياسية الخارجية.
وبحسب مجلة "فورين أفيرز"، فإن ترامب سيجد نفسه متبعًا نفس نهج بايدن، ما لم يتعاون معه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
سعي ترامب إلى إنهاء حرب غزة وأوكرانيا
بحسب المجلة الأمريكية فإن أهم مصالح الولايات المتحدة في وقف الحرب هي إنقاذ أوكرانيا، وحماية أوروبا، وكبح روسيا، ومن الممكن التوصل لتسوية تحقق نتائج ملموسة سريعًا وإن كانت ذات نتائج محدودة، طالما أن أوكرانيا تحصل على ضمان أمني كافٍ ودعم مالي.
أما عن مصالحها في الصراع الشرق أوسطي، فهي تتمثل في ثلاث أشياء: حماية إسرائيل، وكبح إيران، والحفاظ على إمكانية وجود فلسطين كدولة مستقلة.
وترى المجلة أن تحقيق الهدفين الأولين يبدو ممكنًا الآن، ولكن الهدف الثالث - وهو ضروري لأي سلام واستقرار طويل الأمد في المنطقة - سيكون أكثر صعوبة، حيث يتطلب ذلك تجاوز اتفاق وقف إطلاق النار الأخير ووضع مسارات لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لغزة والضفة الغربية في نهاية المطاف.
دبلوماسية السلام والتحديات المقبلة
أكدت المجلة أنه يجب على إدارة ترامب السعي لتحقيق السلام في كلتا الساحتين - أوكرانيا والشرق الأوسط - ولديه فرصة مشروعة للحصول على جائزة نوبل للسلام، وربما اثنتين، محذرة من أن جميع اللاعبين الآخرين في نهاية المطاف لديهم أجنداتهم الخاصة وسيتعاملون مع تحقيق السلام بقدر من الصرامة كما تعاملوا مع الحروب نفسها.
الصراع في أوكرانيا.. تحليل وموقف جديد
جاء غزو روسيا لأوكرانيا في فبراير 2022 بمثابة صدمة على الساحة الدولية بسبب حجمه وجرأته. لم تكن رغبات بوتين في استعادة النفوذ خفية، ولكن استعداده لشن حرب شاملة للاستيلاء على أراضٍ يمثل تحديًا جديدًا وخطيرًا، ليس فقط لجارته، بل أيضًا للأمن الإقليمي والنظام العالمي.
استجابت الولايات المتحدة وأوروبا بدعم أوكرانيا، مما مكّنها من مقاومة الغزو واستعادة بعض الأراضي المفقودة، ولكن الصراع تحول لاحقًا إلى حرب استنزاف طويلة، حيث أُهدرت الكثير من الموارد البشرية والمالية لتحقيق تغييرات طفيفة في الوضع على الحدود.
المقاربة التفاوضية لإنهاء الحرب
تعهد ترامب خلال حملته الانتخابية بإنهاء الحرب بسرعة، ويُعتقد أن ذلك سيتطلب التوصل إلى ترتيب تفاوضي يسمح لكل طرف بالاحتفاظ بمعظم الأراضي التي يسيطر عليها حاليًا، ولكن أوكرانيا وداعميها يرفضون هذه الفكرة، معتبرين أنها تكافئ العدوان الروسي وتسمح لروسيا بالاستيلاء بشكل غير قانوني على جزء كبير من أراضي أوكرانيا. ومع ذلك، قد يمثل هذا الاتفاق الخيار الأقل سوءًا إذا تم هيكلته بعناية بما يكفي لتلبية مصالح جميع الأطراف بشكل مقبول، وفقًا لـفورين أفيرز.
ما دفع روسيا للغزو لم يكن تهديد توسع الناتو، بل تحول أوكرانيا التدريجي نحو الغرب، بيد أن الحرب كانت تهدف لإعادة أوكرانيا إلى وضع التبعية لروسيا.
ووفقًا للمجلة الأمريكية، فقد يكون الحل الوسط عند خطوط القتال الحالية ممكنًا، مما يسمح لروسيا بالسيطرة الفعلية على الخُمس الشرقي من البلاد، بينما يُسمح لبقية أوكرانيا بمواصلة طريقها نحو الاستقلال.
من وجهة نظر "فورين أفيرز"، فإن الحل قد يوفر ضمانات أمنية قوية لما تبقى من أوكرانيا، بما يضمن لها العيش بأمان بعد انتهاء القتال، وهو ما يؤدي تعزيز الناتو، مما يضمن الردع ضد روسيا في المستقبل.
وأشارت المجلة إلى أن بوتين سيعتبر مثل هذا الاتفاق انتصارًا، ولكن من الناحية العملية، فإن حربه قد كلفت روسيا خسائر فادحة: مئات الآلاف من القتلى والجرحى، مليارات الدولارات المهدورة، تدهور العلاقات مع الغرب، وفقدان المكانة الدبلوماسية والأخلاقية، وأن هذه التكاليف ستجعل العملية العسكرية الخاصة، في نظر التاريخ كارثة وليست انتصارًا.
غزة.. بداية جديدة أم صراع متجدد؟
رأت المجلة أن عملية طوفان الأقصى كانت تحديًا خطيرًا ليس فقط لإسرائيل، بل أيضًا للنظامين الإقليمي والعالمي. ردت إسرائيل بشن حملة إبادة جماعية على قطاع يسكنه أكثر من 2 مليون إنسان.
كان اتفاق وقف إطلاق النار الأخير، الذي تضمن إنهاء القتال وإعادة الرهائن المتبقين، خطوة أولى مهمة، ولكن ما لم تُتخذ خطوات أخرى، فمن المرجح أن تشتعل نيران الصراع مرة أخرى قريبًا، ووفقًا للمجلة فإن التحدي الآن هو الحفاظ على وقف إطلاق النار ووضع ترتيبات لاستقرار غزة بعد الحرب بمساهمة من دول شمال إفريقيا وبلاد الشام والخليج.