نقابات المهن الحرة ترفض قانون الإيجار القديم:«الإخلاء قنبلة تهدد السلم»

في جلسة ساخنة من جلسات الحوار المجتمعي التي عقدتها اللجنة البرلمانية المشتركة بمجلس النواب لمناقشة التعديلات المقترحة من الحكومة على قانون الإيجار القديم، أعلنت عدة نقابات مهنية رفضها القاطع لبنود مشروع القانون، خاصة تلك المتعلقة بالإخلاء الإجباري بعد خمس سنوات من نفاذه، محذرين من تداعيات اجتماعية واقتصادية وأمنية خطيرة قد تترتب على تطبيقه بهذه الصيغة.
نقيب المهندسين: مشروع القانون يفتقر للعدالة الاجتماعية
أكد المهندس طارق النبراوي، نقيب المهندسين، رفضه التام لفكرة الإخلاء القسري للوحدات السكنية المؤجرة بنظام الإيجار القديم، مشددًا على أن المحكمة الدستورية العليا لم تتطرق في أي من أحكامها إلى تحرير هذه العقود.
وأشار خلال كلمته في اجتماع لجنة الإسكان إلى أن عدد الوحدات المؤجرة بالإيجار القديم في انخفاض مستمر، لافتًا إلى ضرورة الإبقاء على العقود مع فرض قيود في حالات مثل عدم الإشغال الفعلي، كما أن الزيادة المقترحة في الأجرة، التي حُدِّدت بحد أدنى 1000 جنيه، غير واقعية، إذ إنها تراعي مناطق راقية دون غيرها. وأضاف: "الحديث عن الإخلاء خلال 5 سنوات رسالة موت للمستأجرين".
كما حذر من غياب البدائل السكنية، مشيرًا إلى عدم قدرة الدولة على توفير وحدات بديلة، خصوصًا في ظل محدودية مشاريع الإسكان الاجتماعي، داعيا إلى عدم تفجير قضية اجتماعية جديدة في وقت حساس.
نقيب الأطباء: إخلاء العيادات بعد خمس سنوات "غير دستوري"
من جانبه، شدد الدكتور أسامة عبد الحي، نقيب الأطباء، على أن العيادات والمراكز الطبية والصيدليات لا تدخل تحت نطاق الحكم الصادر من المحكمة الدستورية بشأن الإيجارات القديمة، لافتًا إلى أن التعديلات التي أقرت عام 1997 حددت زيادة سنوية بنسبة 10%، وهي كافية من وجهة نظره.
واعتبر أن إنهاء العقود بعد خمس سنوات "غير دستوري"، لأنها عقود رضائية بين طرفين، مشيرًا إلى أن الأطباء سددوا مبالغ كبيرة نظير الخلو، واستثمروا في تجهيز عياداتهم، قائلا: "من غير المعقول أن نطلب منهم المغادرة بعد خمس سنوات فقط".
وأكد عبد الحي أن العيادات والمراكز الطبية تمثل جزءًا من منظومة الأمن القومي، وأن المساس بها قد يؤدي إلى نتائج كارثية، مطالبًا بترك تقدير الإيجار للمالك والمستأجر وفقًا لطبيعة المنطقة.
نقابة الصيادلة: تعديل القانون يهدد 10 آلاف صيدلية
وأعربت الدكتورة فاتن عبد العزيز، ممثلة نقابة الصيادلة، عن رفض النقابة التعديلات المقترحة، موضحة أنها تخالف قانون مزاولة مهنة الصيدلة رقم 127 لسنة 1955، الذي ينص على إسقاط ترخيص الصيدلية في حال الانتقال من مقرها، مع ضرورة إصدار ترخيص جديد، بشرط ألا تقل المساحة عن 100 متر مربع.
وأكدت أن عدد الصيدليات المؤجرة بنظام الإيجار القديم يبلغ نحو 10,300 صيدلية، مشيرة إلى أن المحكمة الدستورية نفسها أقرت بنقل الترخيص إلى الورثة لمدة تصل إلى 10 سنوات أو لحين تخرج أحد الأبناء من كلية الصيدلة.
وأضافت: "لا يمكن التعامل مع الصيدليات وكأنها علبة دواء... هذه مهنة وليست مجرد تجارة"، محذرة من أن التعديلات قد تثير حالة من الاحتقان وتؤدي إلى تكدير السلم الاجتماعي.
غياب نقيب المحامين يثير التساؤلات
فيما أثار غياب عبد الحليم علام، نقيب المحامين، عن جلسة الاستماع التي دعا إليها مجلس النواب، العديد من التساؤلات، خاصة مع حضور ممثلي باقي النقابات المهنية، ورغم إرسال الدعوة مسبقًا، لم يقدم النقيب أي اعتذار رسمي عن عدم الحضور، وهو ما أثار ملاحظات لدى بعض أعضاء اللجنة.
اللجنة البرلمانية تواصل جلسات الاستماع
تأتي هذه المواقف ضمن سلسلة من جلسات الاستماع التي تنظمها اللجنة المشتركة من لجان الإسكان والإدارة المحلية والشؤون الدستورية والتشريعية، برئاسة النائب الدكتور محمد عطية الفيومي، وذلك لمناقشة مشروع الحكومة بشأن تعديل قانون الإيجارات القديمة، وسط جدل واسع بين الأطراف المعنية.
يرى ممثلو النقابات المهنية أن تعديلات قانون الإيجار القديم بصيغتها الحالية، لا تراعي الاعتبارات الاجتماعية ولا الاقتصادية، مؤكدين أن الإخلاء القسري يهدد حياة عشرات الآلاف من الأسر، ويهدد استقرار قطاعات حيوية مثل الطب والصيدلة، ما يستدعي إعادة النظر في المشروع وفتح حوار مجتمعي حقيقي قبل المضي قدما في التشريع.