عاجل

عبر دراجة مائية.. قصة رحلة محمد أبو دخة من غزة إلى أوروبا

محمد أبو دخة ورفاقه
محمد أبو دخة ورفاقه

لم يتحمل محمد أبو دخة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والذي اقترب من دخوله في العام الثالث، ليقرر الذهاب إلى أوروبا بأصعب طريقة ممكنة، ليوثّق البالغ من العمر 33 عامًا، تفاصيل رحلته من غزة إلى القارة العجوز، عبر دراجة مائية، بعدما وصل هو ورفاقه إلى إيطاليا، وفق ما ورد عن وكالة "رويترز"، التي شاركها الفلسطيني رحلته كاملة.

قال أبو دخة أن رحلته من منزله في مخيم الخيام في خان يونس جنوب قطاع غزة، والذي دمره الاحتلال الإسرائيلي، إلى أوروبا، استغرقت أكثر من عام، بجانب “آلاف الدولارات، ومهارة، وتحديات، ودراجة مائية”.

البداية من الصين

قال أبو دخة إنه في البداية إلى الصين، حيث كان يأمل في الحصول على اللجوء، لكنه عاد إلى مصر، عبر ماليزيا وإندونيسيا، بعد فشل ذلك، وهو ما تأكدت منه “رويترز” عبر مراسلات عبر البريد الإلكتروني مع ممثلية مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الصين من أغسطس وسبتمبر 2024.

انتقل أبو دخة إلى ليبيا، التي يتعرض عشرات الآلاف من المهاجرين للإساءة والاستغلال بشكل روتيني من قبل المتاجرين والميليشيات أثناء محاولتهم تأمين مكان على متن قارب إلى أوروبا، وفقًا لتقارير متعددة صادرة عن جماعات حقوق الإنسان والأمم المتحدة.

ووفقًا لبيانات وزارة الداخلية الإيطالية، فعلى الرغم من أن أكثر من 47000 مهاجر وصلوا بالقوارب إلى البلاد في هذا العام حتى الآن، معظمهم من ليبيا وتونس، إلا أبو دخة “نجح في العبور في ظروف غير عادية للغاية”.

بعد 10 محاولات عبور فاشلة مع المهربين، قال أبو دخة إنه اشترى دراجة مائية مستعملة بحوالي 5000 دولار من خلال سوق ليبي عبر الإنترنت واستثمر 1500 دولار أخرى في المعدات، مثل جهاز تحديد المواقع العالمي (GPS) وهاتف يعمل بالأقمار الصناعية وسترات النجاة.

قال إنه قاد الدراجة المائية لمدة 12 ساعة تقريبًا، برفقة فلسطينيين آخرين، وهما ضياء البالغ من العمر 27 عامًا وباسم البالغ من العمر 23 عامًا، وطارد زورق دورية تونسيًا، وكل ذلك أثناء سحب زورق صغير به إمدادات إضافية.

ChatGPT ينقذ أبو دخة ورفاقه

استخدم الثلاثي تطبيق ChatGPT لحساب كمية الوقود التي سيحتاجونها، لكنهم نفد منهم على بعد حوالي 20 كيلومترًا من لامبيدوزا، ولكنهم تمكنوا من طلب المساعدة، مما أدى إلى إنقاذهم وهبوطهم في أقصى جزيرة جنوب إيطاليا في 18 أغسطس.

وقال متحدث باسم وكالة الحدود التابعة للاتحاد الأوروبي إن زورق دورية رومانيًا يشارك في مهمة فرونتكس قد التقطهم، واصفًا الظروف بأنها "حدث غير عادي".

وقال باسم الذي رفض  الكشف عن اسم عائلته: "لقد كانت رحلة صعبة للغاية، لكننا كنا مغامرين، كان لدينا أمل كبير في أن نصل، وقد منحنا الله القوة".

وأكد فيليبو أونجارو، المتحدث باسم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في إيطاليا: "كانت طريقة وصولهم فريدة من نوعها"، لافتًا أن السلطات سجلت وصولهم إلى إيطاليا بعد رحلة على متن دراجة مائية من ميناء الخمس الليبي وإنقاذهم قبالة لامبيدوزا.

اتصل أبو دخة بـ "رويترز" أثناء إقامته في مركز المهاجرين في لامبيدوزا، بعد أن أخبره أحد الموظفين هناك أن وصوله على متن دراجة مائية قد نُشر في وسائل الإعلام المحلية، ومنذ ذلك الحين، شارك مواد ووثائق، على الرغم من أن رويترز لم تتمكن من تأكيد بعض جوانب روايته.

من لامبيدوزا، استمرت الرحلة، حيث نُقل الرجال الثلاثة بالعبارة إلى صقلية، ثم نُقلوا إلى جنوة في شمال غرب إيطاليا، لكنهم هربوا من الحافلة التي كانت تقلهم قبل الوصول إلى وجهتهم، وبعد الاختباء بين الشجيرات لبضع ساعات، استقل أبو دخة طائرة من جنوة إلى بروكسل.

في انتظار قبول طلب اللجوء الألماني

من بروكسل، قال أبو دخة إنه سافر إلى ألمانيا، واستقل أولا قطارًا إلى كولونيا، ثم إلى أوسنابروك في ساكسونيا السفلى، حيث استقبله أحد أقاربه بالسيارة ونقله إلى برامشه، وهي بلدة قريبة، مضيفًا إنه تقدم طلب الحصول على اللجوء، وينتظر محكمة للنظر في طلبه، ولم يتم تحديد موعد لجلسة استماع حتى الآن، وهو الآن ليس لديه وظيفة أو دخل ويقيم في مركز محلي لطالبي اللجوء.

ويأمل أبو دخة في الحصول على حق الإقامة في ألمانيا، وإحضار زوجته وطفليه، اللذين يبلغان من العمر أربع وست سنوات، قال إن أحدهما يعاني من حالة عصبية تتطلب رعاية طبية، مضيفًا: "لهذا السبب خاطرت بحياتي على متن دراجة مائية. بدون عائلتي، لا معنى للحياة".

من جهته، رفض المكتب الاتحادي الألماني للهجرة واللاجئين التعليق على قضيته، مُتذرّعًا بأسباب تتعلق بالخصوصية.

والد أبو دخة: كان مرتاح ماديًا ثم انهار كل شيء

ويذكر أن عائلة أبو دخة لا تزال تعيش في مخيم بخان يونس جنوب غزة، بعد أن دُمّرت منازلهم، وقال والده، انتصار خضر أبو دخة، متحدثًا من غزة: "كان لديه متجر إنترنت، وعمله، ولله الحمد، كان مريحًا ماديًا وفي كل شيء. كان قد بنى أموره، ثم انهار كل شيء".

تم نسخ الرابط