مستشارة شيخ الأزهر: تمكين المرأة وذوي الهمم ركيزة للتنمية المستدامة الشاملة

أكدت الدكتورة نهلة الصعيدي، مستشارة شيخ الأزهر لشؤون الوافدين وعميدة كلية العلوم الإسلامية للوافدين، أن المرأة وذوي الهمم يشكلون حجر الزاوية في عملية البناء والتنمية، مشددة على أن الإسلام أنصفهما ومنحهما مكانةً رياديةً في المجتمع.
جاء ذلك خلال مشاركتها في فعاليات المؤتمر الدولي الذي نظمته لجنة خدمة المجتمع وتنمية البيئة بجامعة الأزهر تحت شعار "هي تستطيع"، والذي عُقد بمركز الأزهر للمؤتمرات بمدينة نصر، ضمن فعاليات رؤية مصر 2030 والمبادرة الرئاسية "بداية جديدة".
وأوضحت الصعيدي، في كلمتها التي حملت عنوان: "المرأة وذوو الهمم في قلب التنمية المستدامة: منظور أزهري إنساني" أن هذا الطرح ليس مجرد شعار عاطفي، بل رؤية متكاملة تستند إلى جوهر تعاليم الإسلام، وتعكس رسالة الأزهر الشريف الذي يحمل على عاتقه نشر قيم الكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية.
واستعرضت مستشارة شيخ الأزهر ما منحته الشريعة الإسلامية للمرأة من تكريم شامل، فقالت: "الإسلام كرم المرأة في كل مراحل حياتها؛ فهي الابنة التي تحاط بالعناية، والزوجة التي تُصان بالرحمة، والأم التي يُقرن رضاها برضا الله، والشريكة في مسؤوليات المجتمع الكبرى".
وأضافت أن المرأة شريك فاعل في بناء الأوطان، مؤكدة أن العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص هي مقاييس التنمية الحقيقية، لا الأرقام والمؤشرات الاقتصادية وحدها.
ذوو الهمم.. طاقة كامنة وقدرات فريدة
وفي السياق ذاته، أكدت الصعيدي أن ذوي الهمم ليسوا أقل شأنًا من غيرهم، بل كثيرًا ما يتفوقون بعزيمتهم وإصرارهم، مشيرة إلى أن وصفهم بـ"ذوي الإعاقة" لا يعكس الحقيقة، لأنهم يمتلكون قدرات متنوعة تستحق الدعم والتمكين الكامل، وقالت: "من واجبنا كمجتمع ومؤسسات، دينية وتعليمية، أن نفتح أمامهم أبواب التميز، وأن نعيد بناء وعي عام يعترف بحقوقهم وقدراتهم".
واستشهدت في حديثها بنماذج تاريخية مشرقة من السيرة النبوية، مثل الصحابي الجليل عبد الله بن أم مكتوم، الذي ولاه النبي صلى الله عليه وسلم الأذان وخلافة المدينة، وعمرو بن الجموح الذي أبى إلا أن يشارك في القتال رغم إعاقته، ليقدم روحه في سبيل الله، وهو ما يدل على أن الكرامة الإنسانية في الإسلام لا تقف عند حدود الجسد، بل تُقاس بالإرادة والعطاء.
الأزهر.. منارة العدل والتمكين
وشددت الصعيدي على أن الأزهر الشريف، الذي يمثل منارة للعلم والهداية منذ أكثر من ألف عام، يضع على رأس أولوياته تمكين المرأة وإدماج ذوي الهمم، انطلاقًا من قيم الإسلام الرفيعة التي تؤمن بأن الإنسان جوهره الروح والعقل والقدرة، لا الهيئة أو الشكل، وقالت: "لا تنمية حقيقية دون مشاركة كل فئات المجتمع، ولا نهضة شاملة من دون عدالة وكرامة للجميع".
وفي سياق حديثها، أشادت الصعيدي بدور المرأة في تمكين ذوي الهمم، لا سيما الأمهات والمعلمات، ووصفتهم بأنهن “اليد الأولى التي تبني الثقة وتصنع الفرق”، وأضافت: "الأم الواعية قادرة على تحويل التحديات إلى فرص، والمعلمة الراشدة تستطيع أن تزرع الثقة وتنير الطريق".
واختتمت مستشارة شيخ الأزهر كلمتها بدعوة لدمج قضايا ذوي الهمم في الخطاب الديني والتعليمي، وتغيير النظرة المجتمعية السائدة تجاههم، قائلة: "لا نهضة دون وعي، ولا وعي دون احترام الإنسان بكل حالاته وقدراته، نحن بحاجة إلى خطاب ديني ومجتمعي وإنساني جديد يُنصف ذوي الهمم، ويضعهم في قلب مشروع التنمية".