من مناشر الخشب لقشور الجمبري.. حكاية أم يوسف مع الشقاء بقرية أبو طبل بدمياط

في قرية أبو طبل التابعة لعزبة البرج بمحافظة دمياط، لا تنام الشمس قبل أن تلمح سيدة خمسينية تجلس على عتبة بيتها البسيط ، تغمس يديها في ماء مالح وتواصل تقشير الجمبري في صمت.
إنها "أم يوسف"، واحدة من عشرات النساء في القرية اللواتي تحوّلت أيديهن إلى أدوات رزق خشنة، بعد أن أُغلقت أبواب صناعة الأخشاب التي كانت نبضًا اقتصاديًا للمنطقة لا بل للمحافظة بأكملها، رجال جلسوا في المنازل وسيدات أضطررن للنزول لسوق العمل لكسب فتات يعينهن وذويهم علي المعيشة .
حكاية أم يوسف مع الشقاء بعزبة البرج بدمياط
تقول أم يوسف لـ"نيوز رووم" بصوت متعب: "بشتغل في تقشير الجمبري من بعد الفجر، الكيلو بعشرة جنيه، ولو قشّرت 4 كيلو في اليوم أبقى كويسة. بس ساعات اليوم بيعدّي وأنا ما خلصتش غير 3 كيلو. يعني بنهاية اليوم أطلع بـ30 أو 40 جنيه، مش مكفّيين أكل العيال."
رحلة أم يوسف مع التعب لا تقف عند تقشير الجمبري. أرملة وأم لأربعة أبناء، تحمّلت وحدها مسؤولية التربية بعد وفاة زوجها الذي كان يعمل صيادًا، ورغم قلة الحيلة، لم تستسلم لكن مع ذلك، فالمعيشة أصبحت خانقة بعد وقف بطاقة التموين الخاصة بها، فقط لأنها ركبت عدادًا كهربائيًا كوديًّا، كما طُلب منها رسميًا.
"التموين اتقطع فجأة، قالوا عشان العداد، طب إحنا نعيش إزاي؟"، تقولها أم يوسف، وهي تحاول أن تخفي دموعها خلف نظرة ثابتة.
أهالي أبو طبل بأكملهم تقريبًا أصبحوا يعتمدون على نفس الحرفة: تقشير الجمبري، بعد ما ماتت صناعة الأخشاب في دمياط، وتحولت ورش النجارة إلى أطلال ، عملٌ شاق، وأجر لا يسد الرمق.
في النهاية، لا تطلب أم يوسف معجزة، فقط تطلب من المسؤولين أن يروا القرى المنسية، وأن يعيدوا لها بطاقة التموين، لأن بقاء النور في بيتها، لم يعد مضمونا .