«جي إس إم» للأبحاث يكشف سبب رفض أوكرانيا تسلم جثث جنودها من روسيا

كشف الدكتور آصف ملحم، مدير مركز جي إس إم للأبحاث، عن خلافات جذرية بين الطرفين حول عملية تبادل الجثث ، وتطور جديد يعكس تعقيدات الحرب المستمرة بين روسيا و أوكرانيا ، مشيرًا إلى أن كلاً منهما يسعى لتحقيق مكاسب سياسية وإعلامية، بينما تُدفن الحقائق تحت ركام الاتهامات والمماطلات.
وأكد في مداخلة هاتفية لقناة "القاهرة الاخبارية " ، أن كشف حجم الخسائر البشرية يمثل كابوسًا للسلطات الأوكرانية خاصة بعد المعارك الدامية في منطقة كرسي، التي تكبدت فيها القوات الأوكرانية خسائر فادحة وفقًا للبيانات الروسية مشيراً إلى أن القائمة المنشورة للجثث والتي تضم 6000 جثة قد تعني التزامًا ماليًا ضخمًا على كييف .
وتابع :15 مليون هريفنيا (نحو 400 ألف دولار) هو التعويض المقرر لعائلة كل قتيل وفق القانون الأوكراني و المجموع الكلي قد يصل إلى 2 مليار دولار، أي ما يعادل 10% من ميزانية الدفاع الأوكرانية السنوية.
وأضاف أوكرانيا تماطل لأن الكشف عن العدد الحقيقي للقتلى سيفضح فجوة بين الرواية الرسمية والواقع، خاصة مع تراجع الدعم الغربي .
روسيا أيضًا ليست بريئة
ولفت ملحم إلى أن موسكو ليست متحمسة للإفراج عن الجثث رغم ادعاءاتها بالشفافية للأسباب التالية، استنزاف معنويات الأوكرانيين و الاحتفاظ بالجثث يزيد من ضغوط العائلات على الحكومة، وإحراج كييف دوليًا فالعدد المحدود للجثث التي يمكن تسليمها من الجانب الأوكراني قد يُستخدم في حرب الدعاية الروسية، بالاضافة الي التكاليف اللوجستية و حفظ الآلاف من الجثث يتطلب بنية تحتية مكلفة (مثل الثلاجات الصناعية) ما يجعله عبئًا حتى على روسيا.
وكشف ملحم عن أن 400 ألف طلب قدّمها عائلات أوكرانية للصليب الأحمر للبحث عن مفقودين، بين أسرى وقتلى ومختفين قسريًا، مشيرًا إلى أن الغموض حول مصير المفقودين يُضعف ثقة المواطنين بالحكومة، و عدم وجود سجلات دقيقة يُعمّق الأزمة الإنسانية، خاصة مع تقاعس المنظمات الدولية عن الضغط لكشف الحقيقة.
واختتم مدير مركز جي إس إم للأبحاث حديثه بالتشديد على أن كلا البلدين يتبنيان معايير انتقائية ،فروسيا تريد إنهاء الحرب بشروطها، خاصة بعد ضم مناطق شرقية، و أوكرانياتراهن على تغيير الموقف الأمريكي والأوروبي لصالحها.
في سياق سابق ، اتهمت روسيا، الجانب الأوكراني بتأجيل عملية تبادل واسعة النطاق لأسرى الحرب وجثامين الجنود القتلى، على الرغم من الاتفاق الذي تم التوصل إليه خلال محادثات السلام الأخيرة في مدينة إسطنبول التركية.
وقال كبير المفاوضين الروس، فلاديمير ميدينسكي، في بيان نُشر عبر منصات التواصل الاجتماعي:أجل الجانب الأوكراني، بشكل مفاجئ، استلام الجثث وتبادل أسرى الحرب إلى أجل غير مسمى، دون تقديم أسباب واضحة.
وتعد هذه الاتهامات تطورًا جديدًا في المسار السياسي المتعثر بين الجانبين، رغم التقدم النسبي الذي أحرزته محادثات إسطنبول الأخيرة.
اتفاق إسطنبول: نتائج محدودة وتباين في التنفيذ
وخلال اللقاء الذي جمع وفدي موسكو وكييف يوم الاثنين الماضي في إسطنبول، اتفق الطرفان على إجراء تبادل يشمل الجنود الجرحى والأسرى من الشباب الذين تقل أعمارهم عن 25 عامًا.
وكان هذا الاتفاق يُعتبر النتيجة الملموسة الوحيدة التي خرجت بها تلك الجولة من المفاوضات، إذ رفضت روسيا جميع الدعوات الأوكرانية لوقف إطلاق نار شامل وفوري على الجبهات.
وأكد: ميدينسكي أن بلاده التزمت بما تم الاتفاق عليه، مشيرًا إلى أن روسيا نقلت جثامين 1212 جنديًا أوكرانيًا إلى "منطقة التبادل"، وهي الدفعة الأولى من أصل 6000 جثة سيتم تسليمها على مراحل.
قائمة بأسماء الأسرى واستعداد روسي لبدء التبادل
إضافة إلى ذلك، أوضح المفاوض الروسي أن موسكو سلّمت أوكرانيا قائمة تضم 640 أسير حرب، من المقرر أن يشملهم التبادل في المرحلة الأولى. ومن المنتظر أن تشمل العملية الكاملة إطلاق سراح أكثر من 1000 أسير من كل طرف، في ما يُعدّ أكبر عملية تبادل من نوعها منذ اندلاع الحرب قبل أكثر من ثلاث سنوات.
وقال ميدينسكي: نحث كييف على الالتزام الصارم بالجدول الزمني المتفق عليه، وتنفيذ التبادل دون تأخير، حفاظًا على حياة الجنود واحترامًا للاتفاقات الموقعة.
غياب الرد الأوكراني رغم إعلان سابق من زيلينسكي
حتى لحظة إعداد هذا التقرير، لم يصدر أي رد رسمي من الجانب الأوكراني على الاتهامات الروسية.
وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قد صرح في وقت سابق أن عملية التبادل ستُنفذ في نهاية هذا الأسبوع، بينما حددت روسيا يوم السبت أو الأحد أو الاثنين كتواريخ محتملة لبدء التنفيذ.
ويرى مراقبون أن تأخير كييف قد يكون مرتبطًا بعوامل لوجستية أو تفاهمات داخلية لم تُحسم بعد، في حين تُصر موسكو على أن التأجيل يمثل إخلالًا باتفاق معلن وتراجعًا غير مبرر.