هل يجوز قول"يا عباد الله أغيثوني"عند الشدائد؟.. الإفتاء توضح

يتساءل كثير من المسلمين عن حكم قول: "يا عباد الله أغيثوني" عند التعرض للكربات والشدائد وفقد الأشياء. وقد أجاب عن هذا السؤال الدكتور علي جمعة، مفتي الديار المصرية الأسبق، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف في فتوى موثقة صادرة عن دار الإفتاء المصرية، موضحًا الحكم الشرعي مدعومًا بالأحاديث النبوية وأقوال كبار العلماء.
ما أصل قول "يا عباد الله أغيثوني"؟
استند الدكتور علي جمعة إلى ما جاء في الحديث النبوي الشريف عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا أَضَلَّ أَحَدُكُمْ شَيْئًا أَوْ أَرَادَ أَحَدُكُمْ عَوْنًا وَهُوَ بِأَرْضٍ لَيْسَ بِهَا أَنِيسٌ، فَلْيَقُلْ: يَا عِبَادَ اللهِ أَغِيثُونِي، يَا عِبَادَ اللهِ أَغِيثُونِي، فَإِنَّ للهِ عِبَادًا لَا نَرَاهُمْ».
وقد رواه الطبراني وأبو يعلى، وجاء بنحو ذلك عند البزار عن ابن عباس رضي الله عنهما.
وأوضح الدكتور علي جمعة أن الحديث يدل على مشروعية نداء المسلم لِمَن هم غائبون عنه في طلب الإغاثة، مستشهدًا بتأكيد الحافظ ابن حجر الذي حسّن الحديث في كتابه "أمالي الأذكار".
هل ثبت عمل السلف بهذا الدعاء؟
أشار الدكتور علي جمعة إلى أن العمل بهذا الحديث ليس مقتصرًا على الاستدلال النظري فقط، بل طبّقه أئمة كبار مثل الإمام أحمد بن حنبل، حيث نقل عنه ابنه عبد الله في كتاب "المسائل"، وكذلك أسنده البيهقي في "شعب الإيمان"، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"، أنه قال:
"فضلت الطريق أثناء حجي، فكنت أقول: يا عباد الله دلوني على الطريق، فلم أزل أقول ذلك حتى وقفت على الطريق."
كما ذكر العلّامة ابن مفلح الحنبلي هذه القصة في كتابه "الآداب الشرعية"، مما يدل على ثبوت العمل بهذا الذكر المبارك بين كبار العلماء.
الإمام النووي وتجربة الاستغاثة بـ"عباد الله"
لم يقتصر الاستشهاد على الإمام أحمد فقط، بل أورد الإمام النووي في كتابه "الأذكار" قصة مماثلة عن بعض شيوخه الذين استخدموا هذا الدعاء حين انفلتت دابتهم، وقد استجاب الله لهم في الحال. قال الإمام النووي:
"وكنت أنا مرة مع جماعة فانفلتت منهم بهيمة وعجزوا عنها، فقلته فوقفت في الحال بغير سبب سوى هذا الكلام."
حكم الاستغاثة بعباد الله الغائبين
خلص فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة إلى أن قول "يا عباد الله أغيثوني" مشروع وجائز شرعًا، إذ أن الله سبحانه وتعالى قد جعل الكون مرتبطًا بالأسباب، ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أرشد أمته إلى الأخذ بها دون الإخلال بالتوكل على الله.
وبذلك تؤكد دار الإفتاء المصرية أن هذه الصيغة من الدعاء ثابتة في السنة النبوية وعمل بها السلف الصالح، ولا ينبغي الالتفات إلى من يشكك فيها دون دليل علمي معتبر.