حكم قول"إن في الله عزاءً من كل مصيبة"في التعزية وفقًا للشرع الإسلامي

تعدّ التعزية في الإسلام من أبرز مظاهر التآزر الاجتماعي، حيث يُقدّم المسلمون الدعم والمواساة لأهل الميت. وتتنوع صيغ التعزية التي يتم تداولها بين الناس، ومن بين العبارات التي يُتداول استخدامها في التعزية: "إن في الله عزاءً من كل مصيبة". فما حكم قول هذه العبارة في التعزية؟ وما هو الموقف الشرعي بشأنها؟
ما هو حكم قول "إن في الله عزاءً من كل مصيبة"؟
يعدّ قول "إن في الله عزاءً من كل مصيبة" من العبارات التي وردت في الحديث النبوي، إذ رُوي عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: "إن في الله عزاءً من كل مصيبة، وخلفًا من كل هالك، وعوضًا من كل ما فات"، وقد ثبت هذا الحديث في "المستدرك" و"المعجم الأوسط" للطبراني، مما يجعله من العبارات المستحبة عند تعزية أهل الميت.
وقد أشار الفقهاء إلى استحباب هذه العبارة كجزء من التعزية في الإسلام، حيث تُذكر في سياق تعزية أهل الميت وتذكيرهم بالصبر، باعتبار أن الله عز وجل هو مصدر العزاء لكل مصيبة، وهو الذي يعوض المؤمنين عن كل ما فقدوه في الدنيا.
فيما يتعلق بحكم قول "إن في الله عزاءً من كل مصيبة"، أكدت دار الإفتاء المصرية في فتاويها الرسمية على استحباب هذه العبارة، مشيرة إلى أنها من الكلمات الطيبة التي تُقال في التعزية لتخفيف الحزن عن أهل الميت، وملء قلوبهم بالسكينة والصبر على ما أصابهم. وتُعزز الفتوى أهمية الحفاظ على الأخلاق الحميدة في التعازي، والتي تُعنى بتذكير المُصابين بأن الثواب من الله هو ما يعوضهم عن مصيبتهم في الدنيا.
التعزية وأثرها في الشريعة الإسلامية
في الإسلام، تشجع الشريعة على تقديم العزاء والتعزية لأهل الميت، وهي من الأعمال التي تدخل في إطار تعزيز روح التعاون والمواساة بين المسلمين. وقد ورد في الحديث النبوي الشريف: "مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرُبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ" (رواه مسلم). هذا يدل على أهمية المساهمة في تخفيف آلام الآخرين ودعمهم في أوقات الحزن.
ويُستحب أن تكون التعزية بما يخفف عن أهل الميت ويحملهم على الصبر، وتُعتبر عبارة "إن في الله عزاءً من كل مصيبة" من الكلمات التي تحمل ذلك المعنى، إذ تذكر المُصابين بمصيرهم في الآخرة وتحثهم على الثقة بالله تعالى.
التعزية بما ورد عن الخضر عليه السلام
يُستحب أيضًا أن يتم التعزية بالصيغ التي وردت عن الصحابة والتابعين، ومن أبرز هذه الصيغ ما رُوي عن الخضر عليه السلام عند وفاة النبي صلى الله عليه وسلم. فقد قال الخضر، وفقًا لما جاء في بعض كتب الحديث: "إن في الله عزاءً من كل مصيبة، وخلفًا من كل هالك، وعوضًا من كل ما فات، فبالله فثقوا، وإياه فارجوا".
وقد أشار علماء مثل شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "أسنى المطالب" إلى استحباب هذه الصيغة في التعزية، موضحًا أن المسلم يمكنه استخدامها عند تعزية أهل الميت، وذلك لتذكيرهم بأن الله هو مصدر العزاء والمواساة.
إن قول "إن في الله عزاءً من كل مصيبة" في التعزية من العبارات التي لها أصل شرعي، وهي مستحبة في التعازي حسب ما ورد عن الصحابة والفقهاء. تذكر هذه العبارة أهل الميت بعزاء الله ورحمته، وتحثهم على الصبر والتوكل على الله في مواجهة مصيبتهم.
وتظل التعزية جزءًا مهمًا من الروح الإسلامية التي تروج للمحبة والتعاون بين المسلمين، بما يحقق لهم الثواب في الدنيا والآخرة.