عاجل

معنى المحو والإثبات في قوله تعالى "يمحو الله ما يشاء ويثبت"

معنى المحو والإثبات
معنى المحو والإثبات

تفسير المحو والإثبات في القرآن الكريم تعد آية ﴿يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: 39] من الآيات التي تثير تساؤلات واسعة حول مفهوم المحو والإثبات في القضاء الإلهي، ويعتبر هذا الموضوع من المواضيع التي تعرض لها العلماء بأقوال متنوعة وتفصيلات هامة. وقد أوضحت دار الإفتاء المصرية أن المحو والإثبات في هذه الآية يعبران عن قدرة الله تعالى المطلقة في تحديد مصير الأشياء والأحداث في الكون، وفق مشيئته وعلمه الأزلي.

ما المقصود بالمحو والإثبات؟

المحو

يشير المحو في القرآن الكريم إلى إزالة شيء من الوجود أو تغييره، أو نقله من حال إلى حال آخر. وفي تفسير الآية، ذكرت دار الإفتاء المصرية أن المحو يعني أن الله سبحانه وتعالى قد يغير من الأقدار التي قد كُتبت للإنسان أو للكون بقدرته العظيمة وعلمه الشامل، مثل الرزق، والأجل، والسعادة، والشقاء. وهذا يشمل تعديل الأقدار بناءً على حكمته سبحانه، كأن يمحو الشقاء ويثبت السعادة.

الإثبات

أما الإثبات فهو تثبيت الشيء كما هو أو حفظه في حاله، أي أن الله تعالى يثبت ما يشاء من الأقدار التي لا تتغير في علمه الأزلي، مثل الموت والحياة والآجال.

وقد أشار الإمام فخر الدين الرازي في تفسيره "مفاتيح الغيب" - وهو ما تؤكده دار الإفتاء المصرية - إلى أن الله سبحانه قادر على محو أو إثبات الأقدار كما يشاء في كل وقت، وأن هذا التغيير مرتبط بما يشاؤه الله وفق حكمته وعلمه.

الفرق بين القضاء المبرم والقضاء المعلق

1. القضاء المعلق

القضاء المعلق، بحسب توضيح دار الإفتاء المصرية، هو ما كتب في علم الله تعالى في الأزل لكنه معلق على أفعال العباد، مثل الصلاة أو الصدقة أو الدعاء، التي قد تؤدي إلى تغييره. وهذا النوع من القضاء هو المقصود بالمحو والإثبات في الآية.

فمثلًا: إذا دعا الإنسان أو تصدق، فقد يُمحو عنه بلاء ويُثبت له رزق أو سعادة، مصداقًا لقوله تعالى ﴿يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ﴾ [الرعد: 39].

2. القضاء المبرم

أما القضاء المبرم فهو الذي لا يتغير، مثل الموت والرزق المكتوب في اللوح المحفوظ، ولا يتعلق بفعل الإنسان. كما ذكر الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري"، أن القضاء المبرم هو ما لا يطرأ عليه تغيير أو تبديل. وهذا ما أكدته أيضًا دار الإفتاء المصرية، موضحة أن هذه الأمور من خصائص علم الله الأزلي الذي لا يعتريه تغيير.

كيف يحدث المحو والإثبات؟

تبين دار الإفتاء المصرية أن الآية الكريمة ﴿يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ﴾ تدعو إلى فهم عظيم لأهمية الدعاء والعمل الصالح، فهما من أسباب تغيير الأقدار المعلقة. فبالدعاء والتضرع، قد يمحو الله بلاءً أو شقاءً ويبدله خيرًا، ويثبت نعمةً أو رزقًا.

وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا يرد القضاء إلا الدعاء» (رواه الترمذي)، مما يدل على أهمية العمل الصالح والدعاء في التأثير على القضاء المعلق.

الفوائد والدروس المستفادة من الآية

1. دعوة للتضرع والدعاء: تؤكد الآية كما أوضحت دار الإفتاء المصرية أهمية الالتجاء إلى الله بالدعاء، لما له من أثر في تغيير الأقدار إلى الأفضل بإذن الله.


2. الإيمان بقضاء الله وقدره: تعزز الآية الإيمان بأن كل شيء مقدر عند الله تعالى، وأنه سبحانه قادر على تغيير الأقدار بإرادته.


3. التفريق بين القضاء المبرم والمعلق: تبين لنا الآية الفرق بين نوعين من القضاء: القضاء المبرم الذي لا يتغير، والقضاء المعلق الذي يمكن أن يتغير بالدعاء والعمل.


4. التوازن بين التفويض والسعي: تعلمنا الآية أن المؤمن يجب أن يسعى بالأسباب الظاهرة كالدعاء والعمل الصالح، مع التفويض الكامل لله عز وجل.

آية ﴿يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ﴾ تؤكد أن الله سبحانه وتعالى هو المتصرف في الكون وفق علمه وحكمته، قادر على تغيير الأقدار بما شاء. وهي تفتح باب الرجاء للمؤمنين بأن الدعاء والعمل الصالح قد يكونان سببًا في محو بلاء أو إثبات نعمة.

كما تؤكد دار الإفتاء المصرية أن هذه الآية الكريمة تعلمنا أن باب الأمل مفتوح دائمًا أمام العبد، وأن الإنسان عليه أن يسعى ويجتهد في العبادة والعمل الصالح والدعاء، مع التسليم الكامل بمشيئة الله تعالى وحكمته.

تم نسخ الرابط