هل يمكن قراءة القرآن الكريم من المصحف بدون وضوء؟ دار الإفتاء تجيب

تتزايد التساؤلات بين المسلمين حول حكم قراءة القرآن الكريم من المصحف دون وضوء، خاصة مع حرص كثيرين على التلاوة في مختلف أوقاتهم. وفي هذا السياق، أجابت دار الإفتاء المصرية على هذه التساؤلات المهم، موضحة الرأي الشرعي بشكل مفصل.
وأكدت عبر منصاتها الرسمية، أن حمل المصحف الشريف ولمسه يشترط فيه الطهارة الكاملة، أي أن يكون القارئ متوضئًا. واستدلت بقول الله تعالى: “لا يمسه إلا المطهرون” [الواقعة: 79]، مشيرة إلى أن جمهور العلماء، من المالكية والشافعية والحنابلة، ذهبوا إلى اشتراط الطهارة لمن أراد لمس المصحف أو حمله، سواء للقراءة أو لغيرها.
وأوضحت دار الإفتاء أن من كان غير متوضئ، فيجوز له قراءة القرآن دون أن يلمس المصحف، سواء عن ظهر قلب أو من خلال شاشات إلكترونية مثل الهواتف المحمولة أو الأجهزة اللوحية، إذ لا تأخذ هذه الوسائل حكم المصحف المكتوب.
كما ذكرت "الدار" أن هناك من الفقهاء، مثل الحنفية، من أجاز قراءة القرآن للمحدث الأصغر من المصحف إذا حمله بحائل، مثل أن يرتدي قفازًا أو يضع حاجزًا بين يده والمصحف. ومع ذلك، يبقى الوضوء مستحبًا في جميع الأحوال تعظيمًا لكلام الله تعالى.
من جهة أخرى، شددت دار الإفتاء على أن ثواب قراءة القرآن عظيم وكبير، مستشهدة بحديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه:
“من قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول ألم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف” (رواه الترمذي).
وهو ما يعني أن كل حرف من القرآن الكريم يُضاعف أجره أضعافًا مضاعفة، مما يشجع المسلم على المواظبة على تلاوته في كل حال ومكان.
وأكدت أن الالتزام بآداب التلاوة، ومنها الطهارة والجلوس بهدوء واستقبال القبلة، يعظم الأجر ويزيد بركة التلاوة، داعية المسلمين إلى الحرص على تعظيم شعائر الله وإظهار الاحترام الكامل لكتاب الله تعالى.
واختتمت دار الإفتاء فتواها بالتأكيد على أن الطهارة شرط لقراءة القرآن من المصحف مباشرة، لكنها ليست شرطًا للقراءة عن ظهر قلب أو عبر الوسائط الإلكترونية، مع التأكيد على أن المحافظة على الطهارة في جميع الأوقات من مكارم الأخلاق التي يحث عليها الإسلام
فضل قراءة القرآن الكريم كما ورد في القرآن والسنة
تُعد قراءة القرآن الكريم من أعظم العبادات التي يتقرب بها المسلم إلى الله سبحانه وتعالى، وقد حثّ القرآن الكريم والسنة النبوية على المداومة على تلاوته، مبينين ما لها من فضل عظيم وأجر كبير.
فقد قال الله تعالى في كتابه العزيز: “إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرًّا وعلانيةً يرجون تجارةً لن تبور” [فاطر: 29]، حيث شبّه الله تعالى تلاوة القرآن بالتجارة الرابحة التي لا تعرف الخسارة، دلالة على عظمة الأجر والثواب المنتظر.
كما ورد في السنة النبوية الشريفة العديد من الأحاديث التي تبيّن فضل قراءة القرآن، ومن أبرزها حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه:
“اقرؤوا القرآن، فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه” (رواه مسلم)، أي أن القرآن سيشفع لقارئيه وحفاظه يوم القيامة، مما يدل على مكانة التلاوة وأثرها في الدنيا والآخرة.
وفي حديث آخر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“من قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها” (رواه الترمذي)، مما يعني أن المسلم ينال أجرًا مضاعفًا عن كل حرف يقرؤه من القرآن، وليس عن كل كلمة أو آية فقط.
وقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم أن القارئ للقرآن الكريم يُرفَع في درجات الجنة بحسب حفظه وتلاوته، فقال:
“يُقال لصاحب القرآن: اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها” (رواه أبو داود والترمذي)، مما يدل على أن القرآن طريق للرفعة في درجات الجنة.
وأكد العلماء أن المواظبة على قراءة القرآن، مع التدبر والعمل بما فيه، من أسباب نيل رضا الله ودخوله في معية الملائكة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:
“الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران” (متفق عليه)، مما يبين أن حتى من يجد مشقة في القراءة له أجر مضاعف.
ومن هذا المنطلق، تدعو دار الإفتاء وجميع العلماء المسلمين إلى الحرص على جعل القرآن الكريم رفيقًا دائمًا في حياتهم، بالتلاوة والحفظ والعمل، لما فيه من نور وهداية ورحمة للعالمين