التكرار مفتاح ترسيخ القيم.. قصة وموعظة من الدكتور علي جمعة

في تذكير مهم نشره الأستاذ الدكتور علي جمعة محمد، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف عبر صفحته الرسمية على موقع "فيسبوك"، أكد أهمية التكرار في تثبيت القيم الإيجابية ومحاربة الصفات السلبية، مستشهدًا بآيات من القرآن الكريم وقصص واقعية تحمل موعظة كبيرة.

التذكير المتكرر ضرورة شرعية ونفسية

قال تعالى: (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ المُؤْمِنِينَ) [الذاريات: 55]، بهذه الآية الكريمة افتتح الدكتور علي جمعة حديثه، مشيرًا إلى أن التذكير المتكرر ضروري، حتى لو بدا للوهلة الأولى أن الأمور مكررة أو بدهية. فالتكرار، بحسب ما ذكر، يعمق الرسائل الإيجابية في النفوس، ويُبعد الإنسان عن السلوكيات الخاطئة.

قصة خطيب الجمعة والدرس المستفاد

استشهد الدكتور علي جمعة بقصة خطيب ظل يكرر خطبة عن الصدق ويحذر من الكذب لعدة أسابيع متتالية، مما أثار ضجر الناس، فطالبوه بالحديث عن موضوع آخر. لكنه أجابهم قائلًا: "وهل تركتم الكذب حتى أترك أنا النهي عنه؟!".
تُبرز هذه القصة قوة التكرار في تعزيز القيم الحسنة وترسيخها في القلوب، حيث أن النفس مع كثرة التعرض للذكرى تتعود الصفات الطيبة وتنفر من السيئة.

التكرار في علم النفس والإعلان

أوضح د. علي جمعة أن هذه القاعدة معروفة في علم النفس وتسمى بـ"قانون التكرار"، الذي تعتمد عليه وسائل الإعلان والدعاية فيما يُعرف بـ"التعرض التراكمي"، أي أن كثرة تعرض الشخص للرسائل الإعلانية ترسخ الفكرة في عقله الباطن.

القرآن الكريم وأمره بدراسة المعصية

من جماليات القرآن، كما أشار الدكتور، أنه يأمرنا بدراسة المعاصي لمعرفة آثارها السيئة والحذر منها، مستشهداً بقول الله تعالى:
(انظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُّبِينًا) [النساء: 50].
وهنا يأتي فعل "انظر" بمعنى التفكر والتأمل لا مجرد النظر الحسي.

دراسة ظاهرة الكذب وأبعادها

أشار الدكتور علي جمعة إلى أهمية دراسة الكذب من عدة جوانب:

• حقيقته وأسبابه ودوافعه.
• طرق مقاومته وعلاجه.
• أنواعه ونتائجه السلبية.
• مدى تحوله إلى ظاهرة اجتماعية أو مرض نفسي.

مضيفًا أن هذه الدراسة يجب أن تشمل الأفراد والجماعات والمؤسسات والمجتمع ككل، خاصة في مجالات السياسة والاقتصاد والإعلام والعلاقات الدولية.

تعريف الكذب ومذاهبه الثلاثة

استعرض د. علي جمعة مذاهب العلماء في تعريف الكذب، مبيناً أنهم اختلفوا في ثلاث اتجاهات:

1. الكذب هو مخالفة الواقع.

2. الكذب هو مخالفة الاعتقاد القائم بالنفس.

3. الكذب هو مخالفة الواقع والاعتقاد معًا.

وأشار إلى أن كل مذهب يواجه إشكالات، منها أن مخالفة الواقع قد تشمل الخطأ غير المتعمد والخطيئة المتعمدة، وأن قريشًا كانت تطلق الكذب على الخطأ كما يتضح من قول النبي صلى الله عليه وسلم في حق سعد بن عبادة يوم فتح مكة: "كذب سعد" أي أخطأ سعد.