إغلاق مضيق هرمز بين الصراعات الجيوسياسية الإقليمية وتأثيره على مصر

منذ تلويح طهران بالأمس وتهديدها بإغلاق مضيق هرمز، عقب موافقة البرلمان الإيراني ، ولكن الأمر لم يحسم بعد، بانتظار مصادقة المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني.
وقالت قناة "برس تي في" الإيرانية الرسمية، الأحد، إن قرار إغلاق مضيق هرمز الحيوي لا يزال مرهونا بموافقة المجلس الأعلى للأمن القومي في إيران، في وقت تتصاعد فيه التوترات الإقليمية بعد الضربة الأميركية التي استهدفت منشآت نووية إيرانية.
والبعض يتسائل ما أهمية هذا المضيق؟
فمن حيث الطبيعة الجغرافية لمضيق هرمز: يقع مضيق هرمز في أقصى جنوب الخليج العربي، وهو الممر البحري الوحيد الذي يربط الخليج ببحر العرب والمحيط الهندي.
ويقع المضيق بين سلطنة عمان (من جهة الشرق والجنوب) وإيران (من جهة الشمال)، ويبلغ طوله حوالي 60 كيلومترًا، ويتراوح بين 60 و100 متر، وهو كافٍ لعبور أضخم ناقلات النفط في العالم.
ووفقًا لوكالة الطاقة الدولية (IEA)، يمر عبر المضيق نحو 20 إلى 22 مليون برميل من النفط يوميًا، ما يعادل 30% تقريبًا من النفط البحري العالمي، أو نحو 20% من إجمالي الطلب العالمي على النفط، كما يمر من خلاله نحو ربع صادرات الغاز الطبيعي المسال (LNG) على مستوى العالم، خاصة من قطر.
ووفقًا لتقارير منظمة التجارة البحرية الدولية (IMO) والتقديرات البحرية السنوية: أكثر من 20,000 سفينة تمر سنويًا عبر المضيق، بما في ذلك ناقلات نفط، سفن شحن، وسفن حاويات بمتوسط 50 إلى 60 سفينة يوميًا.
ولم يتم إغلاق المضيق بالكامل في التاريخ الحديث حتى في أحداث حرب الخليج الأولى منذ عام 1980 لـ 1988، ولا في تهديدات ايران بأزمتها النووية من عام 2008 لـ 2012.
20% من تجارة النفط العالمية تمر عبر مضيق هرمز
وفي ظل تصاعد التوترات الإقليمية وتهديدات إيران الأخيرة بإمكانية إغلاق مضيق هرمز، حذر المهندس مدحت يوسف، نائب رئيس هيئة البترول الأسبق، من التداعيات الخطيرة لمثل هذا الإجراء على سوق الطاقة العالمي، مؤكدًا أن العالم بأسره، بما في ذلك مصر، سيتأثر بشدة حال تنفيذه.
وأوضح يوسف في تصريحات خاصة لنيوز رووم أن "ما يقرب من 20% من تجارة النفط في العالم تمر من خلال مضيق هرمز، خاصة من الدول الخليجية المنتجة"، مشيرًا إلى أنه لا توجد بدائل حقيقية لهذا الممر البحري الحيوي، إذ لا توجد مسارات أخرى لنقل الخامات أو المنتجات النفطية من دول الخليج العربي إلى الأسواق العالمية، باستثناء السعودية التي تصدّر نحو 35% من إنتاجها عبر ميناء ينبع، وهو ممر قائم لكنه لا يكفي وحده لتغطية الطلب العالمي.
تدخل الناتو والولايات المتحدة في حالة إغلاق المضيق
من جانبه قال باري دوناديو "المحلل السياسي الأمريكي، أن أي محاولة من الحكومة الإيرانية لإغلاقه ستؤدي إلى رد فعل من الولايات المتحدة وحلفائها في الناتو.
وأضاف دوناديو في تصريحات خاصة لـ نيوز رووم، "أنا على يقين معقول أن الولايات المتحدة تراقب الوضع عن كثب، لتتمكن من التدخل ومنع حدوث الإغلاق قبل وقوعه".
وتابع المحلل السياسي قوله:"إذا نجحت إيران في إغلاق المضيق، فسيؤدي ذلك مؤقتًا إلى صعوبات اقتصادية للولايات المتحدة ولعدد كبير من دول العالم، ومن المؤكد أن الولايات المتحدة ستكون على الأرجح من أكثر الدول تضررًا من هذا الإغلاق، إلى جانب أي دولة تعتمد على احتياطاتها النفطية التي تمر عبر المضيق.
احتمال ارتفاع سعر برميل النفط إلى 100 دولار
فيما أشار الدكتور أحمد سيد أحمد "خبير الشؤون الدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية"، إلى أن أي إغلاق لهذا الممر البحري سيؤدي حتمًا إلى ارتفاع حاد في أسعار النفط قد يتجاوز 100 وربما 120 دولارًا للبرميل ، الأمر الذي سيضاعف من أزمة الطاقة عالميًا.
ولفت دكتور أحمد ، إلى أن إقدام إيران على خطوة إغلاق المضيق لن يقتصر تأثيره على الاقتصاد العالمي فحسب، بل سينعكس سلبًا أيضًا على الاقتصاد الإيراني نفسه، الذي يعتمد في الأساس على صادرات النفط. كما سيؤدي ذلك – بحسب قوله – إلى فقدان إيران لتفهم وتعاطف حلفائها، وفي مقدمتهم الصين ودول آسيوية أخرى تعتمد على استقرار الملاحة في الخليج.
ويرى الخبير أن إيران لن تلجأ إلى هذه الخطوة إلا كخيار أخير، نظرًا لما ستمثله من تصعيد خطير قد يدفع الولايات المتحدة للتدخل العسكري المباشر، وهو ما من شأنه أن يوسع رقعة الصراع ويعيد إلى الأذهان مشاهد الحروب الكبرى في المنطقة كالحرب العراقية الإيرانية، وحرب الخليج الأولى والثانية، بكل ما حملته من خسائر اقتصادية وإنسانية جسيمة.
تداعيات جيوسياسية وعسكرة طرق التجارة
أما إيرينا تسوكرمان عضو الحزب الجمهوري ومستشار الأمن القومي الأمريكي، أن السيناريو الأسوأ يكمن في الجمع بين التهديد الحوثي في البحر الأحمر وإغلاق مضيق هرمز من قبل إيران، ما سيحوّل الخليج إلى "مصيدة بحرية خانقة" تعجز من خلالها دول المنطقة عن تصدير نفطها وغازها عبر أي ممر بحري. ووصفت هذا الاحتمال بأنه تهديد وجودي لأمن الطاقة العالمي.
وأضافت أن أي إغلاق للمضيق سيستدعي ردًا عسكريًا دوليًا واسع النطاق، بقيادة الولايات المتحدة وحلفائها، يشمل تطهير الألغام، وتحييد الدفاعات الإيرانية، وتأمين خطوط الملاحة. كما توقعت أن تشهد السنوات اللاحقة زيادة كبيرة في عسكرة طرق التجارة، مع تحولات استراتيجية تشمل تعزيز الاستثمار في مصادر بديلة للطاقة مثل النفط الصخري الأمريكي، والتنقيب البحري، والطاقة المتجددة.
مضيق هرمز يسمح بمرور 22 ميون برميل نفط يوميًا
ويوضح الدكتور وليد جاب الله الخبير الاقتصادي إن مضيق هرمز يُعد من أهم الممرات الملاحية في العالم، حيث يمر منه ما بين 20 إلى 22 مليون برميل نفط يوميًا، ما يمثل قرابة 30% من تجارة النفط العالمية. وتعتمد عدة دول خليجية بشكل أساسي على هذا الممر في تصدير النفط والغاز، من بينها السعودية، الإمارات، الكويت، العراق، إيران، وقطر.
وأوضح أستاذ الاقتصاد أن قطر، على وجه التحديد، تُصدر عبر المضيق أكثر من 70 مليون طن من الغاز المسال سنويًا، ما يجعل أي تعطيل في المرور له انعكاسات خطيرة على الدول المستوردة للغاز والنفط.
تأثيرات إغلاق مضيق هرمز على مصر
وفيما يخص التأثير على مصر، أكد جاب الله أن أي ارتفاع في أسعار النفط أو الغاز سينعكس بشكل مباشر على الاقتصاد المصري من عدة جوانب:ارتفاع تكلفة الوقود داخليًا بما يؤدي إلى زيادة أسعار النقل والكهرباء، ضغط على الموازنة العامة للدولة نتيجة ارتفاع الفاتورة البترولية، زيادة تكلفة الغاز المستورد من الخارج، وأخيرا تراجع عائدات قناة السويس نتيجة انخفاض حركة عبور ناقلات النفط القادمة من الخليج.
وأشار إلى أن ارتفاع تكلفة النقل عالميًا سيؤدي أيضًا إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية المستوردة إلى مصر.