عاجل

إغلاق مضيق هرمز.. هل تصبح قناة السويس ممر النفط البديل؟

مضيق هرمز
مضيق هرمز

مع تصاعد نذر الحرب في الخليج بعد الضربة الأميركية التي استهدفت المفاعلات النووية الإيرانية، وموافقة البرلمان الإيراني على إمكانية غلق مضيق هرمز، يتجه الاقتصاد العالمي نحو أزمة جديدة قد تكون أكثر حدة من الأزمات السابقة، وسط ترقب عالمي لأي تطور في أهم ممر للطاقة بالعالم، وتزايد التساؤلات حول قدرة قناة السويس على لعب دور الممر البديل، أم أنها ستتأثر هي الأخرى بارتدادات الحرب؟

في هذا التقرير، نرصد تصريحات خبيرين اقتصاديين بارزين، يقدمان رؤية تحليلية شاملة عن التحديات والفرص التي تواجه مصر، ومدى تأثير الصراع الجيوسياسي على الممرات الملاحية واقتصاد الدول الناشئة.

تحديات قناة السويس

قال الدكتور كريم عادل، رئيس مركز العدل للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إن الممرات التجارية الدولية تتأثر بشدة بأي اضطرابات في المضائق الحيوية الكبرى، مثل هرمز وباب المندب، وهو ما يفرض تحديات وفرصًا في آن واحد أمام قناة السويس كممر بديل استراتيجي للنقل البحري العالمي.

وأوضح في تصريح خاص لـ"نيوز رووم"، أن مضيق هرمز يُعد بمثابة "العنق الرئيسي للعالم"، إذ يمر عبره نحو 45 مليون برميل نفط يوميًا، بما يعادل 86% من صادرات نفط الشرق الأوسط، و20% من الاحتياجات النفطية العالمية، بالإضافة إلى 25% من تجارة الغاز المسال.

وأشار إلى أن إغلاق المضيق بشكل كامل قد يؤدي إلى قطع فوري لإمدادات الطاقة لقرابة 30 دولة بشكل مباشر، إلى جانب تأثيرات غير مباشرة على الأسواق العالمية من خلال ارتفاع أسعار الطاقة وتعطل سلاسل الإمداد.

وأكد أن قناة السويس قد تشهد زيادة مؤقتة في إيراداتها حال تحوُّل السفن وناقلات النفط إلى مسارها كبديل عن مضيق هرمز، إلا أن تصاعد التوترات في البحر الأحمر قد يحد من هذه الاستفادة، بسبب اضطرابات الملاحة وتكاليف التأمين المرتفعة، ما يفرض تحديًا استراتيجيًا أمام القناة.

وشدد على أن المرحلة الحالية تتطلب تحويل قناة السويس من مجرد ممر ملاحي لتحصيل الرسوم إلى مركز خدمات لوجيستية عالمي، يقدم خدمات الإصلاح والصيانة والتوريد، مما يضمن استدامة تدفقات النقد الأجنبي حتى في فترات الأزمات.

وأضاف أن أي تراجع في إيرادات قناة السويس سيضغط على العملة المصرية في وقت حساس تسعى فيه الدولة لتوفير احتياجاتها من النقد الأجنبي والوفاء بالتزاماتها الخارجية.

شرارة لأزمة عالمية جديدة

من جانبه، قال الدكتور رمزي الجرم، الخبير الاقتصادي، إن الضربة الأمريكية، وما تبعها من تصعيد إيراني، قد تُطلق شرارة أزمة عالمية جديدة، مشيرًا إلى أن غلق مضيق هرمز سيكون له تداعيات كارثية على اقتصادات العالم، وخصوصًا الدول الناشئة المستوردة للطاقة مثل مصر.

وأوضح أن مضيق هرمز يمثل أحد أخطر نقاط الضعف في الاقتصاد العالمي، حيث يمر من خلاله 90 مليون طن متري من النفط سنويًا، ونحو 20% من إمدادات الغاز العالمية، مؤكدًا أن أي تعطيل في الملاحة سيتسبب في ارتفاع جنوني لأسعار الطاقة، وسيدفع باتجاه ركود تضخمي عالمي.

وفيما يتعلق بالتأثير المحلي، أشار الجرم إلى أن الاقتصاد المصري سيواجه ضغوطًا مباشرة، من أبرزها:

  • ارتفاع أسعار الواردات من الطاقة والسلع الغذائية الأساسية.
  • زيادة معدلات التضخم بعد فترة من الاستقرار النسبي.
  • تراجع محتمل في تدفقات السياحة وتحويلات العاملين بالخارج.
  • هروب الأموال الساخنة من السوق المحلي، وارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه.


كما أشار إلى أن تعطل سلاسل الإمداد وتراجع حجم التجارة العالمية سيؤدي إلى ضغط إضافي على موارد النقد الأجنبي المصرية.

مؤشرات إيجابية رغم التحديات

ورغم خطورة السيناريوهات المحتملة، أشار الجرم إلى عدد من العوامل التي قد تُخفف من حدة التأثير على الاقتصاد المصري، منها:

  • موافقة الاتحاد الأوروبي على صرف منحة بقيمة 4 مليارات يورو لمصر.
  • مرونة الاقتصاد المصري الناتجة عن تنوعه الإنتاجي.
  • الإصلاحات الاقتصادية التي أُقرت في مارس 2024، والتي عززت القدرة على امتصاص الصدمات الخارجية.

هل تتحرك مصر في الاتجاه الصحيح؟

اتفق الخبيران على أن هذه اللحظة تمثل فرصة استراتيجية لمصر لتعزيز مكانتها كمركز ملاحي ولوجيستي عالمي، لكنها في الوقت ذاته، تمثل اختبارًا صعبًا لقدرة الاقتصاد على الصمود في وجه الأزمات الجيوسياسية العالمية.

تم نسخ الرابط