هل يشترط ستر العورة عند الوضوء؟ دار الإفتاء توضح الحكم الشرعي

يطرح كثير من المسلمين سؤالًا حول وجوب ستر العورة عند الوضوء، خاصة في البيوت أو أماكن الوضوء العامة، فهل يُعد كشف العورة مفسدًا للوضوء؟ وهل يجب على المسلم أن يغطي بدنه بالكامل أثناء الطهارة
رأي دار الإفتاء في هذه المسألة:
أكدت دار الإفتاء المصرية وآراء كبار العلماء أن ستر العورة ليس من شروط صحة الوضوء، وإنما يُعد من مكارم الأخلاق والآداب المستحبة التي يُراعى فيها الحياء واحترام الشعائر. ووفقًا لما ورد عن أهل العلم، فإن صحة الوضوء لا تتوقف على تغطية العورة، ما دام المتوضئ قد أتم أركان الوضوء المعروفة، من غسل الوجه واليدين ومسح الرأس وغسل الرجلين بنية صحيحة.
وأوضح العلماء أن الأحاديث النبوية لم تَشترط ستر العورة عند الوضوء، وإنما شُرط هذا الأمر عند أداء الصلاة فقط، مستشهدين بقول النبي صلى الله عليه وسلم: “لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار”، في إشارة إلى وجوب ستر العورة أثناء الصلاة، دون الإلزام به أثناء الوضوء.
وفي السياق ذاته، شدد الفقهاء على أن الوضوء حال انكشاف العورة يُعد صحيحًا من حيث الطهارة، لكن إذا كان في موضع يُرى فيه المتوضئ، فقد يأثم على كشف العورة أمام الناس، وهذا لا يرتبط بصحة الطهارة بقدر ما يتعلق بحرمة النظر ووجوب صيانة الجسد.
وفي ضوء ما سبق، يُستحب للمسلم أن يتحرى الأدب والخصوصية عند أداء الوضوء، لا سيما في الأماكن العامة، وذلك تعظيمًا لشعيرة الطهارة، واتباعًا لهدي النبي صلى الله عليه وسلم في تعظيم شعائر الدين، وإظهار الحياء، خاصة أن الوضوء مدخل إلى الصلاة، وهي عماد الدين
وفيما يلي أبرز آداب الوضوء:
1. النية قبل الشروع في الوضوء :النية شرط في صحة الوضوء، وهي أن يعزم الإنسان بقلبه على الطهارة، دون الحاجة إلى التلفظ بها. قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إنما الأعمال بالنيات…” (رواه البخاري ومسلم).
2. البدء ببسم الله :من السنة أن يقول المسلم عند بدء الوضوء: “بسم الله”، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه” (رواه أبو داود).
3. غسل الأعضاء ثلاثًا :من آداب الوضوء أن تُغسل اليدان والوجه والرجلان ثلاث مرات، اتباعًا لسنة النبي، دون إسراف أو تقتير، لقوله: “هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به” (رواه ابن ماجه).
4. الترتيب والمولاة : أي أن يتوضأ بالترتيب الوارد في القرآن (الوجه، ثم اليدين، ثم الرأس، ثم القدمين)، وأن يتابع الغسل دون فواصل زمنية طويلة بين الأعضاء.
5. الاقتصاد في الماء :رغم أن الماء طهور، إلا أن الإسراف فيه منهي عنه، حتى وإن كان المسلم على نهر جارٍ. فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ بمدٍّ من الماء فقط (حوالي نصف لتر).
6. الدعاء بعد الوضوء : من السنن المؤكدة أن يقول المسلم بعد انتهائه من الوضوء:
“أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين”.
قال صلى الله عليه وسلم: “من توضأ فأحسن الوضوء ثم قال هذا الدعاء، فُتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء” (رواه مسلم).
7. استقبال القبلة إن أمكن :ليس شرطًا، لكن يُستحب استقبال القبلة أثناء الوضوء، لما فيه من تعظيم للشعيرة، كما يُستحب الجلوس حال الوضوء إن لم يكن هناك مشقة
8. تجنب الكلام أثناء الوضوء :من الأدب أن يلتزم الهدوء والخشوع أثناء الوضوء، وألا ينشغل بكلام الدنيا، لما في ذلك من خشوع وتأهب للقاء الله في الصلاة