عاجل

هل الله سبحانه وتعالى في جهة.. وما عقيدة السلف الصالح في ذلك؟

هل الله في جهة؟
هل الله في جهة؟

في توضيح هام، كشف الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، عن المنهج الصحيح لفهم آيات الصفات المتشابهة في القرآن الكريم والسنة النبوية، والتي قد يتوهم البعض أنها تدل على الجهة أو الجسمية لله عز وجل. وأكد أن السلف الصالح وأهل السنة والجماعة، ومنهم الأشاعرة والماتريدية، تعاملوا مع هذه النصوص بمنهج قائم على التفويض أو التأويل مع التنزيه، بعيدًا عن التشبيه والتجسيم.

نصوص ظاهرها التجسيم.. لكنها من المتشابه

أوضح الدكتور علي جمعة أن بعض الآيات والأحاديث قد يبدو ظاهرها فيه إثبات للجوارح أو الجهة لله، كقوله تعالى:
﴿يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ﴾ [الفتح: 10]،
أو ما جاء في السنة عن "النزول الإلهي" و"الوجه" و"اليد". وأكد أن هذه من المتشابهات التي لا يجوز فهمها على ظاهرها، مستشهدًا بقوله تعالى:

﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ۖ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ۗ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ۗ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِندِ رَبِّنَا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ﴾[آل عمران: 7].

وأردف أن الله تعالى أرشدنا بعد ذلك إلى دعاء مهم ينبغي للمسلم أن يردده دائمًا:

﴿رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ﴾[آل عمران: 8].

التفكر في ذات الله منهي عنه

حذّر الدكتور علي جمعة من التفكر في ذات الله، لأنه من الأمور التي نهى الشرع عنها، لقول النبي ﷺ:
(تفكروا في خلق الله، ولا تفكروا في الله فتهلكوا)
[رواه أبو الشيخ الأصبهاني في "العظمة"].
وأوضح أن العقول البشرية محدودة، لا تدرك إلا ما له بداية ونهاية، والله تعالى منزَّه عن الحد والمكان والجهة والزمان.

منهج السلف بين التفويض والتأويل

أكد الدكتور علي جمعة أن منهج السلف الصالح كان قائمًا على إما:

  • التفويض: أي الإيمان بالنصوص دون الخوض في معناها أو كيفيتها.
  • أو التأويل مع التنزيه: أي حمل الألفاظ على معانٍ تليق بجلال الله، كقولهم إن "يد الله" تعني القدرة، لا الجارحة.

وهذا المنهج هو ما أجمع عليه أئمة أهل السنة والجماعة من المتكلمين والفقهاء والمحدثين.

الله ليس كمثله شيء

بيّن الدكتور علي جمعة أن الله لا يشبه شيئًا من خلقه، مستشهدًا بقول الله تعالى:
﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: 11]،
مؤكدًا أن من جهل ذاته كيف يتصور ذاته الإلهية؟ فالخالق لا يُقاس بالمخلوق، ولا تُدركه الأبصار، ولا تحيط به العقول.

نصيحة للمسلم: اشتغل بما ينفعك

اختتم الدكتور منشوره بنصيحة مهمة لكل مسلم، أن يشتغل بما ينفعه من التفكر في آلاء الله وآياته، والإكثار من ذكره، وطلب الفهم الصحيح للدين، داعيًا للرجوع إلى أهل العلم فيما يشكل على الإنسان، ونقل عن الإمام الغزالي قوله:

"من أخذ علمه من العبارات والألفاظ ضل ضلالًا بعيدًا، ومن رجع إلى العقل استقام أمره، وصلح دينه، ومن أشكل عليه أمر فعليه الرجوع إلى أهله ليستبين له الحق."

تم نسخ الرابط