عاجل

سُوَيْبَة الأسلمية.. أول مرضعة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم ودورها الإنساني

سويبة الأسلمية
سويبة الأسلمية

في ثنايا السيرة النبوية الشريفة، تبرز أسماء نساء كان لهن أدوار خالدة في حياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وتأتي سُوَيْبَة الأسلمية في مقدّمتهن، كأول من حمله بين يديها بعد والدته، وأول من أرضعه بعد ولادته المباركة، لتنال بذلك شرفًا لا يضاهيه شرف.

قصة سويبة الأسلمية

سُوَيْبَة كانت جاريةً لأبي لهب، عم النبي، وقد أعتقها فرحًا حين بشّرته بولادة ابن أخيه عبد الله، الذي سيُعرف لاحقًا برسول الله محمد صلى الله عليه وسلم. الغريب في هذه الواقعة أن أبا لهب، الذي صار من أشد المعادين للدعوة الإسلامية لاحقًا، أظهر في تلك اللحظة نوعًا من الفرح والرقة، فقام بعتق جاريته تكريمًا لها على الخبر.

احتضنت سُوَيْبَة الرضيع الكريم، وأرضعته أيامًا قبل أن تُسلّمه إلى حليمة السعدية، التي رافقته في سنواته الأولى ببادية بني سعد. ولم يكن النبي لينسى فضل سُوَيْبَة عليه، فقد بقي يكرمها طوال حياتها، وكان يسأل عنها حين غابت أنباؤها، وكان يُظهر التأثر إن علم أنها توفيت.

وقد روت كتب السيرة أن سُوَيْبَة أرضعت أيضًا حمزة بن عبد المطلب، عم النبي، مما جعله أخًا للنبي من الرضاعة، في رابطة فريدة جمعتهما منذ الطفولة وحتى الشهادة في غزوة أحد.

ورغم أن سُوَيْبَة لم يُعرف عنها نشاط مباشر في نشر الدعوة الإسلامية، فإن المؤرخين يرون أن مكانتها التاريخية تتجاوز دورها كـ”مرضعة”، بل تدخل في سياق التهيئة النفسية والاجتماعية للرسالة. فمن خلال رعايتها للنبي في أيامه الأولى، أسهمت في توفير الحنان والاستقرار له بعد وفاة والده، وهو ما يعكس الدور العاطفي الإنساني الذي تحتاجه كل شخصية قيادية في بدايات تكوينها.

وتُشير بعض الروايات إلى أنها أسلمت لاحقًا، وإن لم يُثبت ذلك بشكل قطعي، فإن مجرد استمرار النبي صلى الله عليه وسلم في التواصل معها وإكرامها حتى وفاتها يُعدّ رسالة بليغة في الوفاء ورد الجميل، ويُجسد قيمًا من صميم الدعوة، حيث يكون البرّ والاحترام والوفاء للفضل من علامات المؤمن.

رحلت سُوَيْبَة قبل الهجرة إلى المدينة، ولكنها بقيت في ذاكرة التاريخ الإسلامي نموذجًا إنسانيًا فريدًا، جسّد كيف يمكن لشخص بسيط أن يُسهم في تشكيل بدايات النبوة، دون أن يُدرك أنه يلمس مهدًا سيخرج منه نبيٌ يهدي العالم. فمكانتها محفوظة، ودورها مؤثر، وقصتها تروى على مرّ العصور، باعتبارها أول من سقى رسول الله الحليب، وأول من ضمه بعد والدته، وأول حاضنة لنور النبوة. 

تم نسخ الرابط