أستاذ قانون دولي: التعنت الإسرائيلي يحول دون إنهاء معاناة غزة

أكد الدكتور محمد محمود مهران أستاذ القانون الدولي العام وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، أن الوساطة المصرية القطرية لوقف إطلاق النار في غزة تمثل جهداً دبلوماسياً مقدراً ومتماشياً مع مبادئ القانون الدولي، لكنها تواجه عقبات جوهرية بسبب التعنت الإسرائيلي الذي يحول دون تحقيق سلام حقيقي ينهي معاناة أهالي غزة بشكل دائم.
إنهاء المأساة الإنسانية في غزة
وأوضح الدكتور مهران في حديث خاص لـ"نيوز رووم"، أن مصر تقوم بدور استثنائي في محاولة إنهاء المأساة الإنسانية في غزة، مؤكداً أن الجهود المصرية تتماشى مع التزاماتها القانونية بموجب ميثاق الأمم المتحدة في تسوية النزاعات بالطرق السلمية، مشيراً إلى أن القاهرة تسعى بصدق لتخفيف آلام الأهالي في غزة وإيقاف الحرب المدمرة التي تستمر منذ أكثر من عشرين شهراً.
ومن منظور القانون الدولي، أكد أستاذ القانون الدولي أن الوساطة المصرية القطرية تستند إلى مبادئ راسخة في القانون الدولي، خاصة المادة 33 من ميثاق الأمم المتحدة التي تلزم أطراف النزاع بالسعي لحل خلافاتهم بالطرق السلمية، مشيراً إلى أن مصر وقطر تقومان بدور الوسيط النزيه الذي يسعى لتطبيق قرارات الشرعية الدولية وليس لفرض إرادة طرف على آخر.
وقف إطلاق النار الشامل والدائم
وأشار الدكتور مهران إلى أن الجهود المصرية تهدف لتحقيق وقف إطلاق النار الشامل والدائم، وفتح معابر آمنة للمساعدات الإنسانية، وتبادل الأسرى والمحتجزين، وهي أهداف تتماشى مع أحكام القانون الدولي الإنساني ومبادئ حماية المدنيين في النزاعات المسلحة.
وثمّن أستاذ القانون الدولي، الدور المصري المتميز في هذه الوساطة، مؤكداً أن مصر تستخدم علاقاتها الإقليمية والدولية وثقلها الدبلوماسي لممارسة ضغوط حقيقية على إسرائيل للالتزام بالقانون الدولي، مشيراً إلى أن القاهرة تدرك أن معاناة الشعب الفلسطيني ليست مجرد قضية إنسانية، بل قضية قانونية تتطلب تطبيق قرارات الشرعية الدولية.
لكن رغم هذه الجهود الصادقة، حذر الدكتور مهران من أن التعنت الإسرائيلي يشكل العقبة الأساسية أمام تحقيق سلام حقيقي، مؤكداً أن إسرائيل تتعامل مع المفاوضات كفرصة لتحقيق مكاسب عسكرية وسياسية وليس كسبيل حقيقي للسلام، مما ينتهك مبدأ التفاوض بحسن نية المنصوص عليه في القانون الدولي.
وأشار الخبير الدولي إلى أن إصرار إسرائيل على شروط تتناقض مع القانون الدولي، مثل الاحتفاظ بالسيطرة على أجزاء من غزة ورفض الانسحاب الكامل من الأراضي المحتلة، يجعل من الصعب تحقيق سلام دائم ينهي معاناة الأهالي، مؤكداً أن هذه المواقف تنتهك مبدأ عدم جواز الاستيلاء على الأراضي بالقوة.
وانتقد الدكتور مهران محاولة إسرائيل استغلال المفاوضات لتطبيع وضعها كقوة احتلال وفرض أمر واقع جديد، مؤكداً أن هذا السلوك ينتهك المبادئ الأساسية للقانون الدولي ويقوض جهود الوساطة المصرية القطرية النزيهة.
وحول ما إذا كانت هذه الوساطة ستنهي معاناة أهل غزة فعلياً، أوضح مهران أن النجاح يتوقف على مدى استعداد إسرائيل للالتزام بالقانون الدولي والانسحاب من المنطق العسكري إلى المنطق القانوني، مؤكداً أن أي اتفاق لا يستند إلى مبادئ العدالة وقرارات الشرعية الدولية سيكون مجرد هدنة مؤقتة وليس سلاماً دائماً.
وأكد أن الوساطة المصرية القطرية قادرة على تحقيق وقف مؤقت لإطلاق النار وتخفيف المعاناة الإنسانية الفورية، لكن إنهاء المعاناة بشكل جذري يتطلب حلاً شاملاً يقوم على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتطبيق حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة.
ودعا أستاذ القانون، المجتمع الدولي لدعم الجهود المصرية القطرية من خلال ممارسة ضغوط حقيقية على إسرائيل للالتزام بالقانون الدولي، مؤكداً أن مبدأ المسؤولية عن الحماية يلزم المجتمع الدولي بالتدخل لحماية المدنيين الفلسطينيين من الجرائم المستمرة ضدهم.
كما شدد علي أن نجاح الوساطة المصرية القطرية لا يتوقف فقط على جهود الوسطاء، بل يتطلب تفعيل آليات الضغط الدولي، بما في ذلك العقوبات الاقتصادية والسياسية على إسرائيل، ووقف تزويدها بالأسلحة المستخدمة في قتل المدنيين، والتحرك عبر المحاكم الدولية لمحاسبة المسؤولين عن جرائم الحرب.
هذا ورأى الدكتور مهران أن الوساطة المصرية القطرية تمثل أملاً حقيقياً في تخفيف معاناة أهل غزة، لكن إنهاء هذه المعاناة بشكل جذري ودائم يتطلب التزاماً إسرائيلياً حقيقياً بالقانون الدولي، مؤكداً أن مصر تقوم بواجبها الأخلاقي والقانوني في السعي للسلام، لكن السلام الحقيقي يحتاج لإرادة دولية أقوى لإجبار إسرائيل على احترام القانون الدولي وإنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية.