تهجير الفلسطينيين: التداعيات المحتملة على الاستقرار الإقليمي والأمن الدولي

في ظل تصاعد التهديدات الإسرائيلية الممنهجة بحق الشعب الفلسطيني، نظّمت مجموعة العمل الوطنية، والتي تضم المركز الوطني للدراسات، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، ومركز الدراسات الاستراتيجية للقوات المسلحة، مؤتمراً رفيع المستوى، بعنوان "تداعيات تهجير الفلسطينيين وتصفية القضية الفلسطينية"، وذلك بحضور ممثلين عن جامعة الدول العربية وسفارة دولة فلسطين، إلى جانب عدد من البرلمانيين والخبراء والجهات المعنية.
يهدف المؤتمر إلى تسليط الضوء على خطورة المخططات الإسرائيلية الهادفة إلى تهجير الفلسطينيين قسرياً، ومحو حقوقهم السياسية والتاريخية، والدعوة إلى تحرك إقليمي مشترك لمواجهة هذه السياسات التي تهدد الأمن القومي العربي والاستقرار الإقليمي والدولي.
افتتح المؤتمر بكلمة الدكتور أيمن السيد عبد الوهاب، مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، ورئيس مجموعة العمل الوطنية، الذي شدد على أهمية توحيد جهود مراكز الفكر الاستراتيجية لدعم الموقف الرسمي المصري الرافض لسياسات التهجير، ولحشد موقف إقليمي صلب ضد محاولات تصفية القضية الفلسطينية. كما أكد أن السياسات الإسرائيلية الرامية إلى إفراغ الأراضي الفلسطينية من سكانها الأصليين لا تُهدد فقط الفلسطينيين، بل تمس استقرار دول الجوار، خاصة مصر، التي تتحمل تاريخياً مسؤولية الدفاع عن الحقوق الفلسطينية، وتقود موقفاً إقليمياً متقدماً في هذا الملف.
من جهته، قدّم اللواء الدكتور أحمد فاروق، مستشار المركز الوطني للدراسات، عرضاً تحليلياً تناول خلاله أبرز الإجراءات التي تتبعها إسرائيل لتنفيذ مخطط التهجير، مؤكداً أن ما نشهده على الأرض ليس مجرد عمليات عشوائية، بل سياسات ممنهجة تهدف إلى خلق واقع ديموغرافي جديد يُسهّل فرض تسويات على حساب الحقوق الفلسطينية الثابتة. كما أوضح أن هناك نمطاً متكرراً من استهداف البنية التحتية المدنية، وتضييق سبل العيش، وفرض الحصار المتكرر، كوسائل غير مباشرة لدفع الفلسطينيين إلى النزوح، معتبراً أن هذا يُعد جريمة مكتملة الأركان في ضوء القانون الدولي الإنساني.
تهجير الفلسطينيين وتصفية القضية .. التداعيات المحتملة
وقدّم هاني الأعصر، المدير التنفيذي للمركز الوطني للدراسات، ورقة بعنوان "تهجير الفلسطينيين وتصفية القضية: التداعيات المحتملة على الاستقرار الإقليمي والأمن الدولي". استعرض فيها عدداً من السيناريوهات السلبية التي قد تنجم عن استمرار السياسات الإسرائيلية الحالية، وعلى رأسها:
- تصاعد موجات الإرهاب والعنف في المنطقة نتيجة الشعور بالإحباط وفقدان الأمل.
- تزايد الضغوط الأمنية على دول الجوار نتيجة تدفقات لاجئين محتملة.
- استغلال الجماعات المتطرفة لهذه السياسات لتجنيد عناصر جديدة، مما يُشكل تهديداً عابراً للحدود.
كذلك اشارت الورقة الى أن هذه الممارسات ستؤدي إلى زعزعة الاستقرار العالمي، وليس فقط الإقليمي، وأن المجتمع الدولي مطالب بتحمل مسؤولياته قبل أن تصل المنطقة إلى مرحلة اللاعودة.
وقد شهد المؤتمر مشاركة واسعة من الشخصيات الرسمية والبرلمانية، على رأسها السفيرة جيهان سلطان، ممثلة جامعة الدول العربية، التي أكدت في كلمتها على ضرورة تفعيل العمل العربي المشترك لمواجهة السياسات الإسرائيلية، ودعت إلى تحرك فاعل في المحافل الدولية لفضح هذه الممارسات العنصرية.
كما حضر المؤتمر الدكتور إياد أبو الهنود ممثلاً عن سفارة دولة فلسطين بالقاهرة، والأستاذ هاني إبراهيم، الأمين العام للمجلس القومي لحقوق الإنسان، والمهندس محمد حسن نصير ممثلاً عن الهلال الأحمر المصري، بالإضافة إلى عدد من أعضاء البرلمان المصري: اللواء أيمن عبد المحسن, الدكتورة سماء سليمان, السفير عمرو حلمي, الدكتورة دينا هلالي. وشارك ايضا عدد من الخبراء الاستراتيجيين المتخصصين في الشأن الفلسطيني والأمن الإقليمي: اللواء الدكتور نصر سالم, اللواء رجب حسين,الدكتور محمد إسماعيل,الأستاذ أشرف ميلاد روكسي.
كما مثل مركز الدراسات الاستراتيجية للقوات المسلحة كل من اللواء الدكتور أسامة إبراهيم واللواء الدكتور وائل ربيع، ومن مركز الأهرام شارك كل من الدكتور عمرو الشوبكي، الدكتور أحمد قنديل، والأستاذة أمل مختار، ومن المركز الوطني للدراسات شارك أيضاً الدكتور وليد عتلم الباحث بالمركز.
في ختام المؤتمر، اختتم الحضور اعمال الندوة بعدد من التوصيات و كان أبرزها:
- الرفض القاطع لأي محاولة لتهجير الفلسطينيين، باعتبارها جريمة دولية تُشكل تهديداً للأمن القومي العربي.
- دعم جهود الدولة المصرية في حماية حدودها الجنوبية ورفضها الحازم لأي توطين للفلسطينيين في أراضيها.
- تركيز الخطاب الإعلامي والبحثي العربي علو فضح السياسات الإسرائيلية وكشف زيف الرواية الصهيونية في المحافل الدولية.
- إطلاق شبكة تنسيقية بين مراكز الدراسات الإقليمية لتقديم أوراق سياسات و استراتيجية تقدم لصناع القرار.
- دعوة الأمم المتحدة ومجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياتهم القانونية والإنسانية تجاه ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من جرائم تهجير قسري.
وأكد المشاركون في ختام المؤتمر أن القضية الفلسطينية ستبقى مركزية في الضمير العربي، وأن أية محاولات لتصفيتها أو الالتفاف عليها ستُواجَه برفض شامل من كل الشعوب والمؤسسات العربية.