كيف تكون الصلاة على النبي بنية تفريج الكرب؟.. العلماء يوضحون

لا يكاد يخلو لسان مسلم في ضيق أو كرب من ترديد الصلاة على النبي محمد ﷺ، بوصفها من الأعمال المستحبة والمرغوبة شرعًا، ولكن يظل السؤال الذي يُطرح كثيرًا في المجالس والدروس الدينية وعلى منصات التواصل الاجتماعي: هل تجوز الصلاة على النبي بنية فك الكرب وتيسير الأمور؟ وهل تُعد وسيلة شرعية مشروعة لذلك؟
تأصيل الصلاة على النبي في الشريعة
الصلاة على النبي ﷺ من أعظم القُربات التي دعا إليها الشرع، قال تعالى في كتابه العزيز:
{إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56].
وقد وردت أحاديث كثيرة في فضلها، منها ما رواه مسلم عن عبد الله بن عمرو، أن رسول الله ﷺ قال: “من صلى عليَّ صلاةً صلى الله عليه بها عشرًا”.
وبذلك أجمع العلماء على استحباب الإكثار من الصلاة على النبي ﷺ في كل وقت، لما لها من الأجر والثواب ورفعة الدرجات.
الصلاة بنية تفريج الكرب.. هل هي جائزة؟
بحسب ما ذكره عدد من أهل العلم والفتوى، فإن الصلاة على النبي ﷺ بنية تفريج الكرب ليست فقط جائزة، بل تُعد من أبواب الرجاء المشروع. فقد ثبت بالتجربة والآثار أن لها أثرًا في تفريج الهموم وتيسير الأمور، وهو ما جعل عددًا من العلماء والفقهاء المتأخرين يوصون بها في أوقات الشدة.
ومن أشهر الأحاديث الداعمة لذلك ما رواه الطبراني عن أُبي بن كعب رضي الله عنه، أنه قال للنبي ﷺ: “يا رسول الله، إني أُكثر الصلاة عليك، فكم أجعل لك من صلاتي؟ قال: ما شئت. قال: الربع؟ قال: ما شئت، وإن زدت فهو خير. قال: النصف؟ قال: ما شئت، وإن زدت فهو خير. قال: الثلثين؟ قال: ما شئت، وإن زدت فهو خير. قال: أجعل لك صلاتي كلها؟ قال: إذًا تُكفى همك ويُغفر لك ذنبك.”
وقد حمل العلماء هذا الحديث على أن الإكثار من الصلاة على النبي ﷺ سبب في كفاية الهموم وغفران الذنوب، مما يعني أن قصد المسلم بذلك نية تفريج الكرب يُعد نية صالحة لا حرج فيها.
رأي العلماء في تخصيص النية
أشار عدد من المفتين المعاصرين إلى أنه لا حرج في أن يصلي الإنسان على النبي ﷺ بنية تحصيل الأجر، أو بنية قضاء الحاجة، أو تفريج كربة، ما دام ذلك من باب الرجاء المشروع وليس اعتقادًا بقدرة مستقلة للنبي ﷺ عن الله، بل هي وسيلة يُتقرب بها إلى الله عز وجل، ويُطلب بها التوسل بعمل صالح محبب إلى الله.
لكن بعض العلماء نبهوا إلى ضرورة الابتعاد عن الغلو أو التخصيص غير المنصوص عليه، مثل تحديد عدد معين من الصلوات واعتقاد أنها تُوجب قضاء الحاجة في وقت محدد، دون دليل، فهذا يدخل في باب البدع الإضافية، التي ينبغي الحذر منها