ما حكم الصلاة تحت تأثير المخدر ؟ الإفتاء توضح الحكم الشرعي

في الوقت الذي تتزايد فيه التحذيرات من انتشار تعاطي المواد المخدرة بين الشباب، لا يقتصر خطر هذه الظاهرة على الجوانب الصحية والمجتمعية فحسب، بل يمتد إلى المساس بجوهر العلاقة بين الإنسان وربه. فكيف ينظر الشرع إلى من يقف بين يدي الله تحت تأثير المخدر؟ وهل تُقبل صلاته وهو في حال غياب عن الوعي وفي هذا السياق أجابت دار الإفتاء المصرية
الصلاة تحت تأثير المخدرات باطلة، ما دام تأثيرها يُفضي إلى تغييب العقل وفقدان السيطرة على الحواس.
ذلك لأن الشخص المتعاطي للمخدرات لا يكون في حالة تمكنه من الحفاظ على وضوئه، ولا يدرك ما يقوله في صلاته، فيختلط عليه الأمر، وقد تخرج منه أحداث تنقض وضوءه دون أن يشعر. ومن هنا، فإن صلاته لا تُعتدّ بها شرعًا.
ماذا يقول العلماء ؟
وقد أشار شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه “السياسة الشرعية” (ص: 87) إلى خطورة هذه المواد، حيث قال عن المخدرات:
“هي أخبث من الخمر، لأنها تفسد العقل والمزاج، حتى يتحول الرجل إلى حالة من التخنث وفقدان الغيرة، وغير ذلك من مظاهر الفساد.”
أما الإمام ابن حجر الهيتمي، فقد أوضح في “الفتاوى الفقهية الكبرى” (4/233) عند شرحه لحديث أم سلمة رضي الله عنها: “نهى رسول الله ﷺ عن كل مسكر ومفتر”، أن هذا الحديث يشمل الحشيش والمخدرات، لأنها تسكر وتخدر وتفتر الجسد، وتؤدي إلى كثرة النوم والكسل.
وبسبب هذه التأثيرات، يفقد المتعاطي قدرته على التحكم في بدنه، وربما يُصاب بخَدَرٍ أو تراخٍ في العضلات، أو تفلت في البطن دون أن يشعر. ولهذا، أجمع الفقهاء من المذاهب الأربعة على أن زوال العقل بسبب الجنون أو الإغماء أو المخدرات يُعد من نواقض الوضوء.
ويؤكد ذلك أيضًا ما قرره العلماء من أن تناول الخمر أو المواد المخدرة، سواء أكانت مشروبة أو مأكولة أو مشمومة، يترتب عليه انتقاض الوضوء وبطلان الصلاة، ما دام العقل غير حاضر، والوعي غائب.
وقد جاء في القرآن الكريم في سورة النساء، قول الله تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ﴾ [النساء: 43]
وهذا نهي صريح عن الصلاة في حال السكر أو فقدان التركيز، حتى يعود الإنسان إلى وعيه ويعلم ما ينطق به من ذكر أو قرآن.
فالآية دليل على أن كل من صلى وهو في حال غياب جزئي أو كلي للعقل – بسبب سُكر أو خَدَر أو فُتور ناتج عن المخدرات – فإن صلاته باطلة، لأنه لا يعلم ما يقول، ولا يستطيع أداء العبادة على وجهها الصحيح