فضل الصلاة على النبي وسرّها في استجابة الدعاء: نافذة رحمة ومفتاح للقبول

يبحث المؤمن عن وسائل تقرّبه من الله وتفتح له أبواب الرحمة والاستجابة. ومن بين أعظم هذه الوسائل وأكثرها تأثيرًا، تأتي الصلاة على النبي محمد ﷺ، التي ورد فضلها في عشرات الأحاديث، وارتبطت استجابة الدعاء بها ارتباطًا وثيقًا، حتى وصفها العلماء بـ”مفتاح القبول”.
فضل الصلاة على النبي في نصوص الوحي
وردت العديد من النصوص الشرعية التي توضح مكانة الصلاة على النبي ﷺ، منها قول الله تعالى:
﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].
وفي الحديث الشريف، قال رسول الله ﷺ:
“من صلّى عليّ صلاة، صلّى الله عليه بها عشرًا” (رواه مسلم).
وفي حديث آخر: “أقرب الناس مني يوم القيامة أكثرهم عليّ صلاة” (رواه الترمذي).
الصلاة على النبي مفتاح لاستجابة الدعاء
من الأسرار التي كشف عنها العلماء في باب الدعاء، أن الصلاة على النبي ﷺ تعدّ من أسباب استجابة الدعاء، بل جعلها بعض أهل العلم شرطًا لقبوله. فقد جاء في حديث أوس بن أوس رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: “إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فأكثروا علي من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة علي” (رواه أبو داود).
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: “إن الدعاء موقوف بين السماء والأرض لا يُرفع منه شيء حتى تُصلي على نبيك ﷺ” (رواه الطبراني في الأوسط بسند حسن).
وهذا يدل على أن الصلاة على النبي ﷺ ليست فقط وسيلة نيل الأجر، بل هي ركنٌ جوهري يسبق القبول والرفع.
الحكمة من الربط بين الصلاة والاستجابة
العلماء يرون أن في الصلاة على النبي ﷺ تهيئة روحية ونفسية للدعاء؛ فهي تفتح أبواب الرحمة، وتُكسِب القلب خشوعًا واستحضارًا، وتُعزز الصلة بالنبي كواسطة رحمة بين الله وعباده.
كما أن من لطف الله بعباده أن جعل للصلاة على النبي ﷺ مكانة خاصة؛ فهي تُعبر عن الوفاء، وتُقرّب الإنسان من المثل الأعلى في الخلق والإيمان، أي النبي محمد ﷺ.
متى يُستحب الإكثار منها؟
يُستحب للمسلم أن يُكثر من الصلاة على النبي ﷺ في أوقات محددة، أبرزها:
• عند الدعاء: في بدايته ونهايته.
• في يوم الجمعة: كما في الحديث الصحيح.
• عند سماع اسم النبي ﷺ.
• في مجالس الذكر والعلم.
قال الإمام الشافعي رحمه الله: “أحبُّ لمن دعا الله أن يبدأ بالصلاة على النبي ﷺ، ثم يدعو بحاجته، ويختم بالصلاة عليه؛ فإن الله أكرم من أن يقبل الطرفين ويردّ ما بينهما”