مع اقتراب العام الهجري الجديد .. كيف نحتفل به ؟ العلماء يوضحون

مع بداية العام الهجري الجديد، يتجدد الحديث عن ذكرى الهجرة النبوية الشريفة، الحدث المفصلي في تاريخ الإسلام، الذي لم يكن مجرد انتقال من مكة إلى المدينة، بل نقطة تحول كبرى صنعت حضارة وأمة.
ويثور السؤال المشروع في هذا السياق: كيف نُحيي هذه الذكرى؟ وما هو الاحتفال المشروع الذي يليق بها دون أن يكون مجرّد طقوس أو مظاهر سطحية؟
الهجرة… معنى أعظم من الانتقال
الهجرة النبوية لم تكن رحلة هروب من الأذى، بل كانت خطة استراتيجية لإقامة دولة الحق والعدل، وإيجاد بيئة حاضنة للدعوة، بعد سنوات من التضييق والعذاب في مكة.
ولذلك فإن إحياء الذكرى لا يكون فقط بالحلوى والمواكب، وإنما بالتأمل في معانيها، وترجمتها سلوكًا في حياتنا المعاصرة.
كيف يكون الاحتفال الحقيقي؟
1. نشر السيرة النبوية الصحيحة
– من أعظم مظاهر إحياء الهجرة: التعريف بقصة الهجرة كما وردت في كتب السيرة الموثوقة، وشرح أبعادها السياسية والاجتماعية والدينية.
وليس الاكتفاء بالحكايات العاطفية، بل ببيان عبقرية التخطيط النبوي، وصبر النبي ﷺ وصاحبه أبو بكر رضي الله عنه.
2. الخُطَب والدروس في المساجد
– تُعد خُطب الجمعة والدروس الدينية في هذه المناسبة فرصة لتذكير الناس بمعنى التضحية والثبات على المبادئ، ونبذ العصبيات، وغرس الأمل في قلوب الأمة، كما فعلت الهجرة تمامًا.
3. تحويل القيم إلى برامج عملية
– كالاهتمام بالفقراء والمهاجرين الحقيقيين اليوم (اللاجئين)، وتقديم يد العون للمحتاج، واحتضان من أُخرجوا من ديارهم ظلمًا، كما فعل الأنصار في المدينة مع المهاجرين.
مظاهر الاحتفال بين المشروع والمرفوض
الاحتفال بالهجرة ليس بدعة إذا خلا من المنكرات، بل هو تذكير بتاريخ عظيم، وفيه قول جمهور العلماء أنه جائز شرعًا ما دام يحمل طابعًا تعليميًا وتربويًا.
لكن:
• لا يجوز رفع الشعارات الفارغة أو إقامة الاحتفالات التي لا تُراعي روح الذكرى.
• يجب الابتعاد عن تحويل الهجرة إلى مجرد مناسبة فولكلورية، بل تُجسَّد فيها قيمة الإيمان والتضحية والنصرة.
الهجرة في زمننا: دعوة لهجرة الذنوب
قال النبي ﷺ:
“والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه” [رواه البخاري].
وهذه الهجرة المعنوية مطلوبة من كل مسلم في كل زمان، وهي أعظم احتفال داخلي يمكن للإنسان أن يعيشه:
أن يهجر المعصية إلى الطاعة، والكسل إلى العمل، والفرقة إلى الوحدة