عاجل

أستاذ قانون دولي: تصريحات ترامب عن تمويل سد النهضة تفضح الانتهاكات الإثيوبية

الدكتور محمد مهران
الدكتور محمد مهران أستاذ القانون الدولي

أكد الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولي، العام الأمين العام للجنة الدولية للدفاع عن الموارد المائية الدولية، وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، أن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخيرة بشأن سد النهضة الإثيوبي تكشف بوضوح حجم الانتهاكات الإثيوبية للقانون الدولي، وتؤكد أن النزاع لا يزال قائماً رغم محاولات إثيوبيا فرض سياسة الأمر الواقع.

وقال مهران في تصريحات خاصة لـ «نيوز روم» ، إن انتقاد ترامب للتمويل الأمريكي «للغبي» لسد النهضة، ووصفه بأنه «يقلل بشكل كبير من المياه المتدفقة إلى نهر النيل»، يعد اعترافاً صريحاً من أعلى مستوى أمريكي بالأضرار الجسيمة التي يلحقها السد بالأمن المائي المصري.

انتهاكات إثيوبيا للقانون الدولي

وشدد مهران على أن تصريحات ترامب تؤكد استمرار انتهاكات إثيوبيا الصارخة لمبادئ القانون الدولي للمياه، وتحديداً اتفاقية الأمم المتحدة للمجاري المائية الدولية لعام 1997، التي تنص في مادتها السابعة على الالتزام بعدم التسبب بضرر ذي شأن للدول المتشاطئة.

وأضاف أن ما يجب التأكيد عليه أن رفض إثيوبيا التوقيع على النسخة النهائية من الاتفاق الذي توصلت إليه المفاوضات برعاية أمريكية في 2020، والذي أشار إليه ترامب في تصريحاته، يمثل انتهاكاً صريحاً لمبدأ حسن النية في التفاوض المنصوص عليه في المادة الثامنة من الاتفاقية.

وأوضح الخبير الدولي، أن إثيوبيا تواصل سياسة فرض الأمر الواقع من خلال استمرار الملء الأحادي للسد دون اتفاق ملزم مع دول المصب، مما يشكل خرقاً للعرف الدولي المستقر الذي يلزم الدول المتشاطئة بالتشاور المسبق قبل إقامة منشآت على الأنهار المشتركة.

استمرار النزاع رغم محاولات التهدئة

وفيما يتعلق بوضع النزاع حالياً، أكد الدكتور مهران أن ادعاء ترامب بوجود سلام «على الأقل حتى الآن» لا ينفي استمرار الأزمة، بل يؤكد طبيعتها المتفجرة والتي يمكن أن تتصاعد في أي لحظة.

وتابع مهران: النزاع لم يُحل حتى الآن، والدليل على ذلك استمرار المفاوضات المتعثرة دون التوصل إلى اتفاق ملزم يضمن حقوق مصر المائية، فما نشهده حالياً هو حالة هدوء حذر وليس حلاً جذرياً للأزمة.

كما أضاف أن تصريح ترامب ، بأن «هناك سلاما حاليا، على الأقل حتى الآن» يؤكد الطبيعة المؤقتة للوضع الراهن، ويشير ضمناً إلى احتمالية تفجر الأزمة مجدداً في أي وقت، خاصة مع استمرار إثيوبيا في اتخاذ إجراءات أحادية دون مراعاة مصالح دول المصب.

دوافع ترامب وتأثيرها على موقف واشنطن

وحول دوافع ترامب لإطلاق هذه التصريحات، أوضح الدكتور مهران أن انتقاد ترامب للتمويل الأمريكي «الغبي» للسد يأتي في إطار محاولته تصحيح مسار السياسة الأمريكية تجاه أزمة سد النهضة ، وإعادة التوازن للعلاقات الأمريكية مع دول حوض النيل.

وبين أن ترامب يدرك ، أن استمرار الدعم الأمريكي غير المشروط لإثيوبيا يهدد الاستقرار الإقليمي ويضر بالمصالح الأمريكية في المنطقة ، كما لفت إلي  أن إشارته إلى دوره في المفاوضات السابقة تؤكد رغبته في استعادة الدور الأمريكي كوسيط فاعل في هذه الأزمة.

وحول إمكانية تغير الموقف الأمريكي، قال  الأمين العام للجنة الدولة للدفاع عن الموارد المائية الدولية: تصريحات ترامب تمهد لتحول محتمل في السياسة الأمريكية تجاه أزمة سد النهضة، نحو موقف أكثر توازناً يراعي مصالح جميع الأطراف، ويضع في الاعتبار الآثار الخطيرة لتهديد الأمن المائي المصري على استقرار المنطقة بأكملها.

فرصة دبلوماسية لا يمكن تفويتها

وشدد الدكتور مهران على أن تصريحات ترامب تمثل فرصة دبلوماسية ذهبية لمصر لتدويل قضية سد النهضة مجددا وكشف الانتهاكات الإثيوبية أمام المجتمع الدولي.

ورأى  أنه يجب على مصر استثمار هذه التصريحات لتعزيز موقفها التفاوضي، وتكثيف التواصل مع الإدارة الأمريكية للبناء على هذه المواقف وترجمتها إلى ضغوط حقيقية على إثيوبيا للالتزام بقواعد القانون الدولي.

واردف: من المهم أيضاً تفعيل آليات الوساطة الدولية والإقليمية، مع التركيز على دور المنظمات المالية الدولية لربط أي تمويل مستقبلي للمشروعات المائية الإثيوبية باحترام حقوق دول المصب، وضمان الالتزام بمبدأ الاستخدام المنصف والمعقول للمياه المشتركة.

هذا وأكد مهران أن الأزمة لا تزال قائمة، والخطر لا يزال محدقاً بالأمن المائي المصري، رغم كل محاولات التهدئة، مشددا علي ان مصر مطالبة بالتحرك السريع والفاعل على جميع المستويات لاستثمار هذا التحول في الموقف الأمريكي، والضغط من أجل التوصل إلى اتفاق قانوتي ملزم وشامل لكافة الاطراف بشأن ملء وتشغيل السد، ويحفظ الحقوق التاريخية لمصر في مياه النيل، ويمنع أي إجراءات أحادية تضر بمصالحها المائية الحيوية".

تم نسخ الرابط