عاجل

الحرب على الشاشة

هل تُخبرنا السوشيال ميديا من ينتصر بين إيران وإسرائيل؟

إسرائيل وإيران
إسرائيل وإيران

مع تصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل، لم تعد الحرب مقتصرة على ضربات صاروخية أو مواجهات استخباراتية، بل امتدت إلى منصات السوشيال ميديا، حيث تدور معركة موازية لا تقل ضراوة، تُحسم فيها المعنويات، وتُعاد فيها صياغة الروايات. 

في هذا السياق، يرى عدد من المتخصصين أن الصورة باتت سلاحًا فعالًا في إدارة الوعي، وقد تُستخدم لكسب معركة حتى قبل أن تبدأ في الميدان.


 

الدكتورة نسمة عبدالنبي: الرواية الإسرائيلية مرتبكة والتعتيم مقصود

 

وقالت الدكتورة نسمة عبدالنبي عبدالعزيز، المتخصصة في الشأن الإيراني، إن إسرائيل تمارس أعلى درجات الرقابة على المعلومات المتداولة عبر الإنترنت، خصوصًا فيما يتعلق بنتائج الضربات الإيرانية.
توضح: "جيش الاحتلال طلب رسميًا من المواطنين عدم نشر أو تداول أي صور أو فيديوهات تُظهر مواقع سقوط الصواريخ. هذا الطلب ليس مجرد إجراء أمني، بل يُعبر عن محاولة منظمة لفرض رواية واحدة تُقلل من حجم الخسائر وتُبعد الرأي العام عن حقيقة ما يجري".

وأِشارت، إلى أن بعض القنوات العبرية، مثل القناتين 12 و13، خرقت هذا التعتيم، ونقلت شهادات تؤكد تعرض تل أبيب وحيفا لدمار وصفته بـ"غير المسبوق"، مع إجلاء مئات المواطنين من منازلهم المتضررة.

في المقابل، تؤكد عبدالنبي، أن الجانب الإيراني أكثر وضوحًا فيما يخص خسائره، خاصة في ملف الاغتيالات. تقول:
"إيران تعرضت لاختراقات أمنية أدت إلى سلسلة من الاغتيالات، كان أبرزها اغتيال رئيس الأركان بعد يومين فقط من تعيينه. وعلى الرغم من حساسية هذه الحوادث، فإن السلطات الإيرانية لا تتكتم عليها، بل تُعلنها بشكل مباشر، في محاولة للحفاظ على ثقة الجمهور، ولتحويل القتلى إلى رموز وطنية".


 

محمد وازن: إدارة الصورة لا تقل أهمية عن إدارة العمليات العسكرية

 

واعتبر الباحث السياسي محمد وازن، أن منصات التواصل أصبحت ساحة قتال مستقلة، تشهد فيها معارك نفسية وإعلامية لا تقل أهمية عن المواجهات المسلحة قائلا :  "في الحروب الحديثة، لم تعد الصورة مجرد توثيق، بل أصبحت أداة لإعادة تشكيل الوعي. كل مقطع يُنشر، كل مشهد يتم تسريبه، يُخضع لاعتبارات دقيقة: ما الرسالة التي سيوصلها؟ ولمن؟ وبأي تأثير؟".

وأضاف: "الصور لا تعبّر بالضرورة عن انتصار أو هزيمة، بل عن براعة في إدارة الانطباع العام. من ينشر صورة صاروخ يسقط، قد لا يكون الأقوى ميدانيًا، لكنه يريد أن يقول: (أنا موجود… وأوجعت العدو)".

وحذر وازن، من الوقوع في فخ السوشيال ميديا كمصدر وحيد للمعلومة، مشددًا على أن "نتائج الحروب تُحسم على الأرض، أما على المنصات، فغالبًا ما تُخاض معركة أخرى، على العقول والقلوب".


 

محمد خيري: الهاتف أصبح جبهة قتال متنقلة

ويضيف الكاتب محمد خيري، الباحث في الشأن الإيراني،  بُعدًا جديدًا للطرح، حيث يرى أن الهاتف المحمول نفسه تحوّل إلى أداة حرب قائلا  "مواطن عادي يحمل هاتفًا يمكن أن يُسجّل مشهدًا يهزّ دولة بأكملها. مقطع مدته 10 ثوانٍ يمكن أن يُعيد تشكيل الخطاب الإعلامي العالمي تجاه قضية أو صراع".

وتابع : "الطرف الذي يُحسن استغلال هذه اللحظة المصورة، يمكنه تحويلها إلى رمز تعبوي أو أداة ردع. ولذلك نرى تسابقًا محمومًا من الجانبين – الإيراني والإسرائيلي – على فرض صورة معينة تُصبح لاحقًا عنوانًا للمرحلة".

وِأشار خيري، إلى أن ما يجعل الحرب الإعلامية أكثر تعقيدًا هو قدرة الجمهور على التفاعل الفوري، ما يجعل الصورة لا تقف عند حد التلقي، بل تتحول إلى مادة لإنتاج رأي عام، وربما قرارات سياسية أو دبلوماسية.

وأضاف :"يبدو جليًا أن السوشيال ميديا لم تعد ساحة جانبية للصراع، بل قلبه النابض الجديد. صورة طفل يبكي وسط الركام، أو فيديو يوثق لحظة سقوط صاروخ على مدينة مزدحمة، قد تُثير موجة تضامن أو حالة ذعر تؤثر على صناعة القرار السياسي، بل وربما على مجريات الحرب نفسها، فإذا كانت إيران تراهن على الصراحة والتضحية لتوحيد جبهتها الداخلية، فإن إسرائيل تراهن على الصمت الاستراتيجي وتقييد تداول الصور للحفاظ على تماسك الجبهة الداخلية، ولمنع أعدائها من استثمار مشاهد الفزع والخسائر.


و يتفق الخبراء، أن الصورة لا تروي الحقيقة كاملة، لكنها تخلق "حقيقة بديلة" في وعي الناس. وبالتالي، فإن إدارة السوشيال ميديا خلال الحروب لم تعد رفاهية، بل ضرورة أمنية واستراتيجية، وإذا كانت المعارك تُحسم بالسلاح على الأرض، فإن المعنويات تُحسم بالصور على الشاشات.
 

تم نسخ الرابط