باحثون فى الشأن الإيراني يجيبون عن"هل ستوقف إيران دعم الجماعات الموالية لها؟"

في ظل التحولات المتسارعة التي يشهدها المشهد الإقليمي والدولي، تبدو إيران أمام معادلة معقدة تحتم عليها إعادة النظر في استراتيجيتها تجاه الجماعات المسلحة الموالية لها في المنطقة، وسط ضغوط أمريكية متزايدة ومفاوضات نووية قد تفضي إلى تغيير جذري في سياستها الإقليمية، فبينما تشير التقديرات إلى إمكانية تحقيق اختراق كبير في العلاقات بين طهران وواشنطن، تتعالى التوقعات بأن دعم إيران لوكلائها، من "حزب الله" في لبنان إلى الحوثيين في اليمن، بات مرهونً بمسار هذه المفاوضات، خصوصا مع تعرض قدرات هذه الجماعات لضربات عسكرية أضعفت نفوذها على الأرض.
وبينما يرى خبراء أن إيران قد تلجأ إلى تجميد دعمها لتأمين مكاسب استراتيجية كبرى، يؤكد آخرون أن النظام الإيراني، تحت وطأة الضغوط القصوى، قد يضطر إلى التضحية بحلفائه الإقليميين حفاظًا على بقائه واستمرار مشروعه السياسي الداخلي، في لحظة فارقة قد تعيد رسم خريطة النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط.
وفى هذا السياق، قال دكتور على عاطف الباحث فى الشأن الإيراني، لـ"نيوز رووم"، إن دعم إيران للجماعات الموالية لها فى المنطقة سيتوقف على التطورات الأخيرة، خاصة ما يخص المفاوضات النووية والعلاقات الإيرانية مع الولايات المتحدة، مع وجود حوار وأنباء عن إمكانية حدوث نقلة كبيرة فى العلاقات الإيرانية الأمريكية
وأشار أنه يوجد حاليا اتجاهين مهمين جدا، اتجاه اقتصادى فى العلاقات الإيرانية الأمريكية واتجاه سياسي، وهذه أنباء لم تصل إلى مرحلة الواقعية أو التحقق.
وأكد عاطف أنه لو حدث اتفاق نووى مع إيران وواشنطن سيتواجد استثمارات أمريكية كبيرة وتطورات اقتصادية فى السوق الإيراني، كما أن ترامب يريد عودة وافتتاح السفارات بين إيران وواشنطن، فهذه من أهم الأسباب المؤثره على موقف إيران من دعم الجماعات فى المنطقة، فى الوقت الحالى.
وقال إنه من المتوقع أن الاتفاق النووى القادم، يشمل الأنشطة الإيرانية العسكرية فى المنطقة، بشكل كبير الدعم الإيرانى للجماعات المسلحة الموالية ليها فى المنطقة، إذا لم يتوصلوا سيعود دعم الجماعات بشكل أكبر مما كان عليه للجماعات الموالية لها فى المنطقة، خاصة أن الجماعات قدراتها تراجعت بشكل كبير، مثلا تضررت قدرات حزب الله بشكل غير مسبوق، تضاهى قدراتهمن الثمانينات من القرن الماضى، أيام النشأة.
وأضاف أن الهجمات الأمريكية والبريطانية والأوروبية قللت من قوة الحوثيين وتقوم بضرب مخازن الصواريخ والمواقع اللوجيستية للحوثيين فى اليمن، ومن المتوقع أنها ستستمر خلال الفترة القادمة وهذه نقطة مهمه جدا خاصة أنها تتم بالتزامن مع المفاوضات النووية الإيرانية الأمريكية.
وأكد أن قدرات الجماعات تضررت واقعيا خلال الفترة السابقة بشكل كبير وهذا واقع حزب الله والحوثيين، ماعدا الجماعات العراقية لم تتضرر قدراتها، وهذا مكسب كبير لإيران مع أن هذه الجماعات العراقية المسلحة لم تنخرط خلال الأشهر الماضية للاحداث الجارية من حرب غزة للصراع الإيرانى الإسرائيلي سواء بالوكالة أو الصراع المباشر بين إيران وإسرائيل، فلم يتبق لإيران من الجماعات الموالية لها إلى الجماعات المتواجدة فى العراق، ولكن هناك قيود أمنية من العراق وتهديدات أمريكية وإسرائيلية.
وقال: "أتوقع أن تصل أمريكا وإيران إلى اتفاق نووى بنسبة أكثر من 95%، بالتالى سيقل الدعم الإيرانى لهذه الجماعات خلال الفترة القادمة".
وقال الدكتور محمد خيري الباحث في الفلسفة السياسية والمتخصص في الشؤون الإيرانية لـ "نيوز رووم"، إن الولايات المتحدة الأمريكية تضغط على إيران من أجل وقف دعم طهران لوكلاءها في منطقة الشرق الأوسط، وأشار إلى أن الضربات الإسرائيلية على حزب الله في لبنان والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة بجانب الضربات الأمريكية على مناطق الحوثي في اليمن أسهم بشكل كبير في تقليص القدرات العسكرية لتلك الجماعات.
وأضاف خيري، مدير وحدة الفكر الإيراني في المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية، أن إيران قد تلجأ إلى تجميد دعمها لوكلائها في المنطقة، وليس تخلي كامل عنهم من أجل تحقيق مكسب على المدى المنظور وهو التوصل لاتفاق نووي مع الولايات المتحدة الأمريكية يضمن لها تحسين وضعها الاقتصادي الداخلي.
وأكد أن نظريات السياسة الإيرانية وتحديداً نظرية الولي الفقيه ونظرية أم القرى تقوم على ضرورة بناء كيانات عسكرية تحارب بالوكالة غن إيران وتبعد شبح الحرب عن الجغرافيا الإيرانية.
قال دكتور وليد منصور، المتخصص فى الشأن الإيراني لـ "نيوزرووم" إن إيران تعيش حالة لا يرثى لها، تتعرض للضغط الأقصى الذى يمكن أن يوشي بانهيار النظام الإيراني وتستخدم من خلال تجنب انهيار النظام الايرانى، كافه أوراق التفاوض التى من بينها المليشيات المسلحة سواء الحشد الشعبي أو الحوثيين أو حزب الله، وأضاف أن الجميع يعلم أن إيران تستخدم هذه الجماعات فى المنطقة من أجل مشروعها الإقليمي التوسعي على حساب جيرانها العرب ومن أجل استخدامهم كورقات لتحسين شروط التفاوض مع الغرب.
وأكد أن العالم يعلم جميعا أن الأمور الآن مختلفه فى ظل نظام الحكم الجمهورى برئاسة دونالد ترامب، الذي تعلم إيران جيدا أنه مارس أقصى ضغوط عليها عام 2016 والذى يحمل الان برنامجا صريحا لضرب إيران فى مقتل وعدم التفاوض معها وبالتالى إيران ستقوم بعمل كافة الطرق من أجل بقاء النظام الإيرانى ومن اجل محاولة عدم التعرض لضربة أمريكية أو أو ضرب المفاعل النووى الإيرانى.
وقال منصور إنه بالتأكيد ستقوم إيران بالتخلى عن الجماعات الموالية لها إذا وضعت خلال المفاوضات بين خيارين، بقاء نظامها الايرانى على الحكم وبقاء الثورة الإيرانية، أودعم الجماعات، بالتالى ستختار التخلى عن حلفائها وعن الحوثيين وعن حزب الله والحشد الشعب.
وأضاف: "هنا نقول أنها تستخدكمهم كأوراق للتفاوض وككبش فداء للدفاع عن إيران وعدم ضربها، خاصة بعد أن تلقت إيران ضربة قاتلة بانهيار نظام بشار الأسد".
وأكد أن إيران تعيش مرحلة صعبة جدا، ضغط فى الداخل الايرانى نتيجة اختلاف السياسات الإيرانية ونتيجة الضغط الداخلى من الشعب الإيراني، تعيش فترة حرجة كبيرة جدا من الضغط الامريكي، وبالتالى تخلى ايران عن حلفاؤها وارد جدا وهذا أمر قاتل لها لكنها هتحاول أن تعيش من أجل بقاء نظامها.
وكانت قد أثارت تصريحات السفير الإيرانى ببيروت مؤخرا، أزمة دبلوماسية، حيث تم استدعاؤه من قبل وزارة الخارجية اللبنانية، احتجاجا على تصريحاته التي انتقد فيها المباحثات اللبنانية الهادفة إلى نزع سلاح "حزب الله" وحصر السلاح بيد الدولة،
حيث قال مجبتى أمانى، إن مشروع نزع السلاح مؤامرة واضحة ضد الدول، وإنه في الوقت الذي تواصل فيه الولايات المتحدة الأمريكية تزويد الكيان الصهيوني بأحدث الأسلحة والصواريخ، تمنع دولا من تسليح وتقوية جيوشها، وتضغط على دول أخرى لتقليص ترسانتها أو تدميرها تحت ذرائع مختلفة، وأكد أنه بمجرد أن تستسلم تلك الدول لمطالب نزع السلاح، تصبح عرضة للهجوم والاحتلال، كما حصل في العراق وليبيا وسوريا.
وأكدت السفارة الإيرانية ببيروت دعمها لاستقلال لبنان، موضحة أن تصريحات السفير الإيراني كان مضمونها عاما وشاملا ينطبق على جميع الدول دون استثناء، بما فيها إيران.
وتراجع مجبتى عن تصريحاته قائلا: "إن موضوع نزع سلاح حزب الله هو شأن داخلي لبناني لا نتدخل فيه"، وأضاف: "ندعم حزب الله فقط عندما يطلب العون كمظلوم، والغرض من جهاز البيجر الذي كان موجودا في مكتبي وانفجر هو فقط التحذير من أي هجوم"، وأضاف أن المفاوضات مع الولايات المتحدة محصورة في البرنامج النووي الإيراني ورفع العقوبات ولا مجال لأي موضوع آخر يسعى إليه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو،وقال: "لدينا رغبة في المشاركة بعملية إعادة الإعمار في لبنان ونتحدث مع الحكومة اللبنانية لكننا قلقون بشأن جدية الولايات المتحدة في هذا الشأن".
وكان الرئيس اللبناني جوزيف عون قد بدأ مباحثات مع قيادات حزب الله لنزع السلاح وفقا لاتفاق وقف إطلاق النار الى تم إبرامه في نوفمبر الماضى، الذي أنهى حرب حزب الله وإسرائيل.