ثواب صلة الرحم في العيد وحكم القطيعة.. دار الإفتاء توضح

مع احتفالات عيد الأضحى المبارك، تتجدد الدعوات للتراحم والتواصل بين الأهل والأقارب، في وقت يحذر فيه علماء الدين من ظاهرة قطيعة الرحم، ويصفونها بأنها من كبائر الذنوب التي تُغضب الله وتقطع أسباب البركة والرحمة في حياة المسلم، خصوصاً في أيام الأعياد التي هي مواسم للصلة والتسامح والمغفرة.
ويؤكد الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية أن صلة الرحم فريضة شرعية وواجب ديني لا يجوز التهاون فيه، وأن قطيعتها محرمة شرعًا، ويشتد إثمها في الأوقات التي يُستحب فيها زيادة التواصل، مثل الأعياد والمناسبات الدينية، لما لها من أثر روحي واجتماعي كبير في تقوية أواصر المجتمع الإسلامي، والتخفيف من حدة الخلافات.
في هذا السياق، يقول الدكتور أحمد ممدوح، أمين الفتوى بدار الإفتاء، إن صلة الرحم من أعظم القربات التي يتقرب بها العبد إلى الله، مشيراً إلى أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم شدد في أكثر من حديث على خطورة قطع الأرحام، فقال: “لا يدخل الجنة قاطع رحم” [رواه البخاري ومسلم]. ويضيف أن العيد يُعد فرصة ذهبية لإحياء هذه الفريضة، وطي صفحات الخلاف والتقصير، لأن القلوب في العيد تكون أقرب إلى التسامح والمودة.
ويشدد العلماء على أن قطيعة الرحم لا تبررها الخلافات العائلية أو التوترات الماضية، مؤكدين أن العفو عند المقدرة والتواصل رغم الخصام من أعظم أبواب الأجر، كما جاء في الحديث: “ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قُطعت رحمه وصلها” [رواه البخاري]. بمعنى أن صلة الرحم لا تكون فقط برد الجميل، وإنما بالبذل حتى مع من قطع
واختتمت دار الإفتاء بيانها بقولها إن قطيعة الرحم ليست فقط ذنبًا فرديًا، بل جريمة اجتماعية تُهدد البناء الأسري والتكافل المجتمعي، ولذلك فإن من واجب كل مسلم ومسلمة – خصوصاً في العيد – أن يبدأ بالسلام، ويبادر بالعفو، ويصل من قطعه، امتثالاً لأوامر الدين وطلبًا لرضا الله
عقوبة قطيعة الرحم :
أولًا: في القرآن الكريم
قال الله تعالى في وصف القاطعين:
{فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم * أولئك الذين لعنهم الله فأصمّهم وأعمى أبصارهم}
[سورة محمد: 22–23].
في هذه الآية تهديد صريح بأن من يقطع رحمه يُعرض نفسه للّعنة الإلهية، وهي الطرد من رحمة الله، ويصاحب ذلك ذهاب البصيرة والسمع المعنوي الذي يهدي إلى الخير.
ثانيًا: في السنة النبوية
قال رسول الله ﷺ:
“لا يدخل الجنة قاطع رحم”
[رواه البخاري ومسلم].
وهذا الحديث من أشد ما ورد في العقوبة، إذ يدل على أن قاطع الرحم محروم من الجنة، إن لم يتب ويُصلح ما أفسد.
كما قال ﷺ:
“إن أعمال بني آدم تُعرض كل خميس ليلة الجمعة، فلا يُقبل عمل قاطع رحم”
[رواه أحمد والطبراني].
أي أن عمل القاطع – وإن كثر – لا يُرفع إلى الله ولا يُقبل حتى يتوب ويصل رحمه.
ثالثًا: في الدنيا قبل الآخرة
جاء في الحديث الشريف:
“من أحب أن يُبسط له في رزقه، ويُنسأ له في أثره، فليصل رحمه”
[رواه البخاري].
وبالمقابل، فإن من يقطع رحمه يُحرم من سعة الرزق وبركة العمر، وهذا نوع من العقوبة الدنيوية التي قد لا يلاحظها الإنسان مباشرة، لكنها تُؤثر في حياته وأسرته بشكل واضح.
رابعًا: نظرة العلماء
يؤكد العلماء أن قطيعة الرحم من الكبائر التي يجب التوبة منها فورًا، ولا تكفي التوبة القلبية فقط، بل يجب إصلاح العلاقة مع الأقارب والبدء بالتواصل ولو بالكلمة الطيبة أو المبادرة بالسلام