هل قطيعة الرحم تفسد الصوم في رمضان؟ دار الإفتاء تجيب

في شهر رمضان المبارك، تكثر الأسئلة الفقهية حول العبادات وأحكامها، ومن بين القضايا التي يطرحها البعض مسألة قطيعة الرحم وتأثيرها على صحة الصيام. فهل تؤثر القطيعة على قبول الصوم؟ وهل تفسده من الناحية الشرعية؟
الصيام بين الصحة والقبول
يؤكد علماء الدين أن الصيام، من حيث الصحة الفقهية، لا يُبطل بارتكاب الذنوب، بما في ذلك قطيعة الرحم، لأنه عبادة مستقلة تقوم على الامتناع عن الطعام والشراب وسائر المفطرات من الفجر إلى المغرب ، ومع ذلك، يشدد العلماء على أن قطيعة الرحم تُعد من كبائر الذنوب التي قد تُذهب أجر الصيام أو تُنقص من ثوابه، لأن الصوم لا يقتصر على الامتناع عن المفطرات فقط، بل يشمل التهذيب الأخلاقي والروحي.
الدين يحث على صلة الرحم
حث الإسلام على صلة الرحم، وجعلها من الأعمال التي تقرب العبد إلى الله، حيث قال النبي محمد ﷺ: “لا يدخل الجنة قاطع رحم” (رواه مسلم). ويُفهم من ذلك أن قطيعة الرحم تؤثر سلبًا على العبد في الدنيا والآخرة، خاصة في شهر رمضان الذي يُعد فرصة عظيمة لتصفية النفوس وإصلاح العلاقات.
فرصة للمصالحة في رمضان
يدعو العلماء إلى استغلال شهر رمضان لإعادة التواصل مع الأهل والأقارب، حتى وإن وُجدت خلافات سابقة، فالمبادرة بالصلح من الأخلاق الإسلامية الرفيعة التي تزيد من أجر الصيام وتعزز المحبة والتآلف بين الناس
عقوبة قطيعة الرحم في الإسلام
تُعد صلة الرحم من القيم العظيمة التي أوصى بها الإسلام، وجعلها من أسباب البركة في العمر والرزق، بينما اعتُبرت قطيعة الرحم من الكبائر التي تُعرّض صاحبها لعقوبات دنيوية وأخروية. وقد جاءت النصوص الشرعية محذرة من هذا السلوك، لما له من آثار سلبية على الأفراد والمجتمع.
عقوبة قطيعة الرحم في الدنيا
1. ضيق الرزق وقِصر العمر:
جاء في الحديث الشريف أن النبي ﷺ قال: “من أحب أن يُبسط له في رزقه ويُنسأ له في أثره، فليصل رحمه” (متفق عليه). وهذا يدل على أن قاطع الرحم قد يُحرم من البركة في عمره ورزقه بسبب هذا الفعل.
2. عدم قبول الأعمال الصالحة:
قطيعة الرحم قد تكون سببًا في عدم قبول بعض العبادات، فقد ورد أن أعمال القاطع قد تُرفع لكنها تُرد بسبب قطعه لرحمه، كما في حديث النبي ﷺ: “إن أعمال بني آدم تُعرض كل خميس ليلة الجمعة، فلا يُقبل عمل قاطع رحم” (رواه أحمد).
3. الحرمان من محبة الناس والتوفيق في الحياة:
قاطع الرحم غالبًا ما يكون منبوذًا في مجتمعه، ويعاني من عزلة اجتماعية، مما ينعكس على حالته النفسية والروحية.
عقوبة قطيعة الرحم في الآخرة
1. الحرمان من دخول الجنة:
ورد في الحديث الشريف عن النبي ﷺ أنه قال: “لا يدخل الجنة قاطع رحم” (رواه مسلم). وهذا تحذير شديد لمن يقطع رحمه، إذ قد يُحرم من رحمة الله وجنته.
2. تعجيل العقوبة في الدنيا قبل الآخرة:
قطيعة الرحم من الذنوب التي يُعجل الله عقوبتها في الدنيا قبل الآخرة، فقد قال النبي ﷺ: “ما من ذنب أجدر أن يُعجّل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدّخر له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم” (رواه الترمذي).
3. سخط الله وعذابه يوم القيامة:
القاطع يكون عُرضة لغضب الله وسخطه، مما قد يؤدي به إلى عذاب شديد يوم القيامة، حيث توعد الله الظالمين بعذاب أليم