عاجل

قصة مريم ابنة عمران في القرآن.. هل كانت من الأنبياء وما معنى طهرك؟

قصة مريم ابنة عمران
قصة مريم ابنة عمران

السيدة مريم رضي الله عنها هي سيدة نساء العالمين، جاء ذكرها في القرآن الكريم في مواضع عدة بل إن اسمها يطلق على واحدة من سور القرآن الكريم، فماذا يعني ذكرها في القرآن؟

قصة مريم ابنة عمران في القرآن

يقول الحق سبحانه وتعالى في سورة آل عمران: «وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ (42)»، ذكر القرطبي في تفسيره الآية: قوله تعالى : إن الله اصطفاك أي اختارك، وطهرك أي من الكفر، وعن الزجاج: من سائر الأدناس من الحيض والنفاس وغيرهما ، واصطفاك لولادة عيسى.

أما قوله تعالى «على نساء العالمين» أي عالمي زمانها، وقيل : على نساء العالمين أجمع إلى يوم الصور، وهو الصحيح على ما نبينه، وهو قول الزجاج وغيره . وكرر الاصطفاء لأن معنى الأول الاصطفاء لعبادته، ومعنى الثاني لولادة عيسى.

وروى مسلم عن أبي موسى قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء غير مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام. قال علماؤنا رحمة الله عليهم: الكمال هو التناهي والتمام; ويقال في ماضيه " كمل " بفتح الميم وضمها، ويكمل في مضارعه بالضم ، وكمال كل شيء بحسبه. والكمال المطلق إنما هو لله تعالى خاصة. 

النساء في القرآن
النساء في القرآن

هل كانت مريم رضي الله عنها من الأنبياء؟

وتابع القرطبي في بيانه هل مريم من الأنبياء؟: «لا شك أن أكمل نوع الإنسان الأنبياء ثم يليهم الأولياء من الصديقين والشهداء والصالحين. وإذا تقرر هذا فقد قيل: إن الكمال المذكور في الحديث يعني به النبوة فيلزم عليه أن تكون مريم عليها السلام وآسية نبيتين، وقد قيل بذلك. والصحيح أن مريم نبية; لأن الله تعالى أوحى إليها بواسطة الملك كما أوحى إلى سائر النبيين حسب ما تقدم ويأتي بيانه أيضا في "مريم". وأما آسية فلم يرد ما يدل على نبوتها دلالة واضحة بل على صديقيتها وفضلها».

وروي من طرق صحيحة أنه عليه السلام قال فيما رواه عنه أبو هريرة: خير نساء العالمين أربع مريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد. 

ومن حديث ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد ومريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون. وفي طريق آخر عنه: سيدة نساء أهل الجنة بعد مريم فاطمة وخديجة. فظاهر القرآن والأحاديث يقتضي أن مريم أفضل من جميع نساء العالم من حواء إلى آخر امرأة تقوم عليها الساعة; فإن الملائكة قد بلغتها الوحي عن الله عز وجل بالتكليف والإخبار والبشارة كما بلغت سائر الأنبياء; فهي إذا نبية والنبي أفضل من الولي فهي أفضل من كل النساء: الأولين والآخرين مطلقا. ثم بعدها في الفضيلة فاطمة ثم خديجة ثم آسية. وكذلك رواه موسى بن عقبة عن كريب عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : سيدة نساء العالمين مريم ثم فاطمة ثم خديجة ثم آسية. وهذا حديث حسن يرفع الإشكال. 

وقد خص الله مريم بما لم يؤته أحدا من النساء; وذلك أن روح القدس كلمها وظهر لها ونفخ في درعها ودنا منها للنفخة ; فليس هذا لأحد من النساء. وصدقت بكلمات ربها ولم تسأل آية عندما بشرت كما سأل زكريا - صلى الله عليه وسلم - من الآية; ولذلك سماها الله في تنزيله صديقة فقال: وأمه صديقة. وقال : وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين فشهد لها بالصديقية وشهد لها بالتصديق لكلمات البشرى وشهد لها بالقنوت. وإنما بشر زكريا بغلام فلحظ إلى كبر سنه وعقامة رحم امرأته فقال: أنى يكون لي غلام وامرأتي عاقر ، فسأل آية . وبشرت مريم بالغلام فلحظت أنها بكر ولم يمسسها بشر فقيل لها : كذلك قال ربك فاقتصرت على ذلك ، وصدقت بكلمات ربها ولم تسأل آية ممن يعلم كنه هذا الأمر، ومن لامرأة في جميع نساء العالمين من بنات آدم ما لها من هذه المناقب. 

ولذلك روي أنها سبقت السابقين مع الرسل إلى الجنة; جاء في الخبر عنه - صلى الله عليه وسلم -: لو أقسمت لبررت لا يدخل الجنة قبل سابقي أمتي إلا بضعة عشر رجلا منهم إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وموسى وعيسى ومريم ابنة عمران. وقد كان يحق على من انتحل علم الظاهر واستدل بالأشياء الظاهرة على الأشياء الباطنة أن يعرف قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنا سيد ولد آدم ولا فخر وقوله حيث يقول : لواء الحمد يوم القيامة بيدي ومفاتيح الكرم بيدي وأنا أول خطيب وأول شفيع وأول مبشر وأول ، وأول . فلم ينل هذا السؤدد في الدنيا على الرسل إلا لأمر عظيم في الباطن . وكذلك شأن مريم لم تنل شهادة الله في التنزيل بالصديقية والتصديق بالكلمات إلا لمرتبة قريبة دانية . ومن قال لم تكن نبية قال : إن رؤيتها للملك كما رئي جبريل - عليه السلام - في صفة دحية الكلبي حين سؤاله عن الإسلام والإيمان ولم تكن الصحابة بذلك أنبياء ، والأول أظهر ، وعليه الأكثر .

<span style=قصة مريم ابنة عمران">
قصة مريم ابنة عمران

لماذا لم تذكر امرأة أخرى غير مريم في القرآن؟

فيما يذكر الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، أنه لم يُذكر في القرآن الكريم اسم امرأة قط إلا السيدة مريم، وهذا تكريم وتشريف خاص لها، وأن ذكر اسمها يرد على ادعاءات بعض مشركي العرب بأنها زوجة للرب، حيث كان العرب يكنون عن زوجاتهم ولا يذكرون أسماءهن.

ولفت إلى أن السيدة مريم هي عبدة مصطفاة من عباد الله، اختارها الله لحمل معجزة ولادة السيد المسيح، وأن الاصطفاء الأول للسيدة مريم: "إن الله اصطفاك"، وهو اصطفاء في ذاتها، أي أن السيدة مريم في ذاتها من المصطفين الأخيار، دون مقارنة مع غيرها، وأن الاصطفاء الثاني: "واصطفاك على نساء العالمين"، وهو اصطفاء مع المقارنة، أي أنها مصطفاة بين جميع النساء.

وبين أن التطهير بين الاصطفاءين: ذكر الله تعالى "وَطَهَّرَكِ" بين الاصطفاءين ليكون بمثابة علة مجنحة -يعني لها جناح يربطها بما قبلها، وجناح يربطها بما بعدها-، وتوضح سبب هذا التشريف. عندما نقول: إن الله اصطفاك.. لماذا؟ لأنه طهرك. وطهرك.. لماذا؟ لأنه اصطفاك على نساء العالمين. فذلك يُعد علة مجنحة.
- قاعدة : "كل تشريف يتبعه تكليف ومسؤولية" فمع التشريف الإلهي جاء التكليف: {يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ}

تم نسخ الرابط