ثُبيتة بنت الحارث.. صحابية مجاهدة شاركت في غزوة أحد وسقت الجرحى ودعمت المقاتلي

في صفحات التاريخ الإسلامي، تبرز أسماء نسائية عظيمة شاركت في بناء الدولة الإسلامية الأولى، ولم يقتصر دورهن على البيت أو التربية فحسب، بل امتد إلى ميادين المعارك والطاعة والدعوة، ومن بين تلك الأسماء اللامعة، تبرز الصحابية الجليلة ثُبيتة بنت الحارث، التي خلّد التاريخ ذكرها ضمن بطلات الإسلام في غزوة أحد والتي تعد من أفضل النماذج التي يحتذى بها في عصرنا هذا
دورها البطولي في أحد
كانت غزوة أحد من أعظم المواقف التي كشفت عن معدن الصحابة والصحابيات، وفي هذا الموضع العصيب، لم تتردد ثُبيتة بنت الحارث – رضي الله عنها – في أن تُسهم بدورها الإنساني والجهادي في ساحة القتال، فخرجت مع نساء المؤمنين وهن يحملن القِرَب ويسقين العطاشى من المقاتلين، ويُداوين الجرحى، ويُثبّتن القلوب على الثبات والدعاء.
وثّقت كتب السيرة والتاريخ الإسلامي دور ثُبيتة وغيرها من الصحابيات، ممن كنّ يتحرّكن بين الصفوف، يحملن الماء، ويمسحن الدماء، ويشدّدن من عزائم المجاهدين في سبيل الله. ولم تكن مهمتهن بسيطة أو هامشية، بل كانت تُشكّل دعمًا نفسيًا وجسديًا هائلًا في خضم المعركة.
المرأة المسلمة في صدر الإسلام
تُعتبر ثُبيتة بنت الحارث نموذجًا حقيقيًا للمرأة المسلمة في عصر النبوة؛ امرأة واعية، مؤمنة، مبادرة، لا تتوانى عن خدمة دينها بكل ما تملك. فهي لم تحمل سيفًا، لكن حملت الماء، والمواساة، والعناية، وكان دورها لا يقل أهمية عن أدوار الرجال.
وقد أقرّ النبي صلى الله عليه وسلم، وأثنى على مشاركة النساء في مثل هذه المهام، فكانت ثُبيتة ومن معها من أمثال أم سليم، وأم عمارة، وأم عطية، جزءًا من ذاكرة الجهاد الإسلامي.
رسالة خالدة
في زمن تتعدد فيه أدوار النساء وتتشكل صور البطولة، تبقى سيرة الصحابية ثُبيتة بنت الحارث ملهِمة، تُذكّرنا بأن للمرأة في الإسلام قيمة عظيمة، وأن البذل في سبيل الله لا يرتبط بجنس أو عمر، بل بالإيمان والعزيمة وحُسن النية.
إن سيرة ثُبيتة ليست مجرد مشهد عابر في غزوة أحد، بل رمز حيٌّ لتاريخٍ نسائي مشرّف، لا يزال يُضيء دروب العطاء والوفاء حتى اليوم.