ما حكم حج الرجل عن أخته المريضة؟.. دار الإفتاء توضح

مع اقتراب موسم الحج وبدء الاستعدادات الروحية والجسدية لأداء الركن الخامس من أركان الإسلام، تتزايد تساؤلات المسلمين حول الأحكام الشرعية المتعلقة بالحج، خصوصًا لمن حالت ظروفهم الصحية دون أداء المناسك بأنفسهم.
وفي هذا السياق، ورد إلى دار الإفتاء المصرية سؤال حول جواز أن يحج الرجل عن أخته المريضة، التي لا تقدر على تحمّل مشقة السفر وأداء الشعائر
وأجابت دار الإفتاء:
يجوز شرعًا لتلك المرأة التي لا تقوى على مشقة السفر وأداء مناسك الحج بسبب كبر سنها وصعوبة حركتها، أن تنيب شقيقها – السائل – ليؤدي الحج عنها، ولا إثم عليها في ذلك. فقد أباح جمهور العلماء أن يُؤدي الرجل الحج عن المرأة، متى ما ثبت عجزها البدني عن أداء الفريضة بنفسها، وكان لديها القدرة المالية. ويشترط في ذلك أن يكون النائب – الأخ – قد أدّى فريضة الحج عن نفسه أولًا، لأن النيابة لا تصح إلا ممن سبق له أداء الحج عن نفسه
الحج فريضة العمر.. ونيابة المريض والعاجز مشروعة بشروط
يُعد الحج أحد أركان الإسلام الخمسة، وهو فرض واجب على كل مسلم قادر، مرة واحدة في العمر؛ لقوله تعالى:
“ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلًا” [آل عمران: 97].
وقد ثبت عن النبي ﷺ أنه قال:
“يا أيها الناس، قد فرض الله عليكم الحج فحجوا”، فقال رجل: “أفي كل عام يا رسول الله؟” فسكت النبي ﷺ حتى كررها ثلاثًا، فقال: “لو قلت نعم لوجبت، وما استطعتم…” [رواه البخاري ومسلم].
وهذا يدل على أن الحج لا يجب إلا مرة واحدة على المستطيع، وهي حجة الإسلام، وما زاد فهو تطوع.
النيابة في الحج: متى تكون مشروعة؟
النيابة أو الحج عن الغير، من المسائل التي أباحتها الشريعة الإسلامية في حالات معينة، رحمة بالخلق ورفعًا للمشقة، وذلك لمن لا يستطيع أداء الفريضة بنفسه، سواء كان مرضه مزمنًا لا يُرجى شفاؤه، أو بلغ من الكبر عتيًا لا يقدر معه على تحمّل مشقة السفر وأداء المناسك.
وقد اتفق العلماء على أن من كان قادرًا على الحج بنفسه، لا يجوز أن يُنيب غيره عنه، أما إن عجز عجزًا دائمًا، فإن النيابة مشروعة عنه.
وتُفهم النيابة في الحج من كون هذه العبادة جامعة بين البدنية والمالية، فلا يُغلق فيها باب النيابة تمامًا كما في الصلاة، ولا يُفتح على إطلاقه كما في الزكاة، بل يُؤخذ فيه بالاعتدال.
أقوال العلماء في مشروعية النيابة
قال الحنفية إن النيابة لا تجوز إلا عند العجز الدائم؛ لأنها في الأصل عبادة بدنية، لكن عند وجود عذر دائم تُعتبر عبادة مالية كذلك، ويُعمل في كل حال بما يقتضيه.
وذكر الشافعية والحنابلة مثل هذا، وأضافوا أن المرأة العاجزة عن السفر دون محرم، أو مَن لا يأمن الطريق، أو المريض الذي يغلب على الظن عدم شفائه، كلهم يجوز أن يُحجّ عنهم، بشرط وجود القدرة المالية.
السنة النبوية تؤكد المشروعية
وقد ثبت في الحديث الصحيح عن أبي رَزينٍ العقيلي رضي الله عنه، أنه قال للنبي ﷺ: “يا رسول الله، إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا العمرة ولا الظعن”، فقال له النبي ﷺ: “حج عن أبيك واعتمر” [رواه أحمد، والترمذي، وابن ماجه، وغيرهم].
ويُفهم من هذا الحديث أن النيابة في الحج والعُمرة جائزة في حالة العجز التام، سواء كان المانع كِبَرَ السن، أو المرض المزمن، أو غير ذلك من الأعذار الدائمة