تحذير قرآني..“الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدو إلا المتقين""

في تصوير قرآني بالغ الدقة لمشهد من مشاهد يوم القيامة، جاءت الآية الكريمة من سورة الزخرف لتسلّط الضوء على حقيقة الصداقات الدنيوية التي لا تُبنى على أساس من التقوى، محذّرة من عواقبها الوخيمة:
﴿الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ﴾ [الزخرف: 67].
وتشير الآية إلى أن الأخلاء – أي الأصدقاء الحميمين الذين تجمعهم مودة قوية – سيتحوّلون يوم القيامة إلى أعداء، يتبرأ بعضهم من بعض، ويلقي كلٌ منهم باللوم على الآخر بسبب ما جره إليه من ضلال أو معصية. لكن الاستثناء الوحيد في هذا المشهد العظيم هم المتقين، الذين قامت صداقاتهم في الدنيا على الإيمان بالله والتواصي بالحق والعمل الصالح، فنجت مودتهم وثبتت في الآخرة كما ثبتت في الدنيا.
ويؤكد علماء التفسير أن الآية دعوة صريحة لمراجعة نوع العلاقات التي يكوّنها الإنسان في حياته، وأساسها، ومدى ارتباطها بالله وطاعته، مشيرين إلى أن المتقين فقط هم من تستمر روابطهم خالصة، وتتحول إلى نور وشفاعة ورفقة في الجنة.
وقد ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية صفات واضحة تميز المتقين عن غيرهم، ومن أبرزها:
صفات المتقين:
1. الإيمان الصادق بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر.
2. الخشية من الله في السر والعلن، واستحضار رقابته في كل وقت.
3. الحرص على أداء العبادات مثل الصلاة والصيام وزكاة وحج.
4. الإنفاق في سبيل الله، سواء في اليسر أو العسر.
5. كظم الغيظ والعفو عن الناس، والتحلي بالحلم.
6. اجتناب الكبائر والمعاصي، والسعي الدائم للتوبة.
7. الصدق في القول والعمل، والابتعاد عن الكذب والخداع.
8. اختيار الصحبة الصالحة، وتكوين علاقات قائمة على التقوى.
9. تقديم الآخرة على الدنيا، والنظر إلى الحياة باعتبارها مزرعة للآخرة.
ويُجمع علماء الشريعة على أن المتقين هم الفائزون الحقيقيون يوم القيامة، فهم الذين فهموا الغاية من الصداقة والأنس بالناس، فجعلوا أساسها طاعة الله، وابتعدوا عن العلاقات التي تقوم على الهوى والمصلحة.
في النهاية، يؤكد السياق القرآني أن المتقين وحدهم من تصدق مودتهم وتثمر في الدنيا والآخرة، أما غيرهم، فصداقاتهم تتحول إلى حسرة وعداوة ونكران يوم يُكشف الحق، وتظهر العواقب