عاجل

الدريني: تحقيق رشا قنديل عن تسليح الجيش معيب ينتحل صفة تحليل مشوه

أحمد الدريني
أحمد الدريني

وجه الكاتب الصحفي أحمد الدريني، انتقادات قوية للإعلامية رشا قنديل بعد تحقيقها عن تسليح الجيش المصري، خاصة أنها حصلت على معلوماتها من مصادر إسرائيلية، مؤكدًا في الوقت ذاته أنه لا يرتقي إلى أن يكون تحقيقًا بل مقال رأي.

وأثارت رشا قنديل حالة من الجدل، بعدما نشرت تحقيقًا صحفيًا تناولت من خلاله صفقات السلاح التي قامت بها مصر خلال السنوات العشر الأخيرة، وأكدت أنها استغرقت 3 أشهر في البحث، وذلك بالتزامن مع قلق إسرائيل من تنامي القدرات العسكرية للجيش المصري، وفقًا لوسائل الإعلام العبرية.

مقال رأي معيب ينتحل صفة تحقيق مشوّه

وأبدى الكاتب الصحفي استياءه من هذا التحقيق، وقال: مشكلة تحقيق رشا قنديل بتاع (لمن تشتري مصر كل هذا السلاح؟) إنه مش تحقيق من ناحية تقنية صحفية بحتة.. هو في تقديري مقال رأي معيب بينتحل صفة تحقيق مشوّه".

وعدد أحمد الدريني الأسباب التي جعلته يرى ذلك، وقال: "حشْد المعلومات من الشرق والغرب وبإحالات لا تنتهي لمواقع وتقارير أخرى بين عربية وأجنبية، هو إغراق معلوماتي للقارئ بأكثر منه استيفاء لحقه في المعرفة، لأن مفيش خيط ناظم لمعالجة هذا التدفيق المعلوماتي الكثيف أو إلجامه في مسارات دقيقة مفهومة وواضحة، ولا قدرة على الاستخلاص السليم من مدلولات التسليح".

وأضاف: "أو حتى رصد نمط كامن وراء الشراء من دولة بعينها، أو وراء تطوير سلاح بعينه (كالدفاع الجوي مثلًا) أو بإعادة تعريف العمليات العسكرية المتوقعة أو المستعد ليها بناءً على نوع السلاح المشترى (سواء بنية الاستخدام أو غرض الردع).. فقط معلومات كثيرة من كل اتجاه توطئ القارئ نفسيا لما سيُساق له من خلاصات ملوية العنق".

استنتاجات دون شواهد مترابطة بقرائن

وأشار الكاتب الصحفي إلى أننا نجد بعد ذلك في التحقيق، القفز لاستنتاجات دون شواهد مترابطة بقرائن جازمة، مضيفًا: "يعني ينفع تقول في مقال رأي "مصر بتشتري سلاح لتثبيت أركان النظام" وده شيء يقبله من يقبل من قراءك ويرفضه من يرفض (مع تحفظي أن يكون مقال الرأي هتافا سياسيا بلا منطق أو أساس)".

وتابع: "لكن كتحقيق لابد من التدليل على "الاستنتاج" الذي تسوقه، بل الأحرى أن تستخلصه (بناءً) على ما أوردت من مقدمات، دون افتعال أو تعسُف، لكن أن تبدأ بالاستنتاج ثم (تقيّف) له الشواهد، فهذا تضليل علمي وصحفي. فهل أن تحشد بيانات التسليح حشدا؟ ثم تقول لا حرب في الأفق (يا للهول! كل ده ولا حرب محتملة في الأفق!) إذن فالسيسي يشتري السلاح لتثبيت حكمه، فهذا خبال صحفي".

وواصل الدريني: "ثم الأنكى أن الكاتبة ذهبت للمصادر الإسرائيلية التي اختارتها هي فإذا بهذه المصادر تتحدث عن احتمالية الحرب بين مصر وإسرائيل وتشير للتوتر بينها!، ثم لا تجد كاتبة التحقيق نفسها في تناقض بين ما تورده من معلومات وما تبني عليه بالربط بينها من استنتاجات".

واستكمل: "أشارت الكاتبة في بداية "تحقيقها" إلى مواطن بحثها التي حصرتها في 4 نقاط تبدو كلها "أبوكاليبتكية" عملت عليها على مدار شهور، ثم لم تورد إجابة على أي منها في التحقيق المطول! لدرجة تجعلك تتساءل عن هذه الصياغة المرعبة التي ابتدأت بها مقدمة "تحقيقها" ثم انتهى الأمر إلى لا شيء تقريبًا".

الكتابات الطويلة توهم القارئ بالاستسلام لاستنتاجات الكاتب

وأكد الكاتب الصحفي أنه بصورة شخصية لديه حساسية من الكتابات المطولة التي تعتمد على مصادر كثيرة لدرجة يستحيل تعقُبها، ولدرجة توهم القارئ أنه إزاء ما لا قِبل له به ليستسلم لاستنتاجات الكاتب، متابعًا: "ثم هذه الكتابة المغرقة في الذاتية (رصدتُ/ حققتُ/ تتبعتُ/ دققتُ) فيها شعور مريب بـ(الأنا) ويكرس أن ثمة طابع شخصي لا احترافي في المسألة".

وأردف: "نصادف كثيرًا هذه الكتابة وتلك المواقع "الصحفية" التي تعتمد على تشكيل بعض الكلمات واستخدام مفردات نخبوية جدًا ولغة صحفية "مُلبننة" وإمعان في إيراد معلومات كثيرة ومصادر لانهائية، للإيحاء بالمهنية بأكثر من ممارستها فعليا! وعادةً ما يكون نطاق عملها مسيسا فقط ولا حظ للصحافة الكلاسيكية منه، بما يمد خطوط الشكوك على استقامتها".

كتابة في توقيت شديد الحرج في عمر الإقليم

ويواصل أحمد الدريني انتقاداه لرشا قنديل، قائلًا: "للأسف يبدو المشكل الشخصي كامنا ومحركا للمكتوب، وفي توقيت شديد الحرج في عمر الإقليم وبإهدار تام للفصل بين الدولة والنظام. فإذا كنت في خصومة مع النظام (أيا كان الطرف المحق) فهذا لا يقتضي خصومة مع الدولة/ الوطن في وقت تتوسع فيه إسرائيل لأقصى مدى ممكن في تاريخها وتستخدم سلاحها في مطلق سماء الشرق الأوسط تقريبا!".

وانتقل الكاتب الصحفي للحديث عن الجزء الثاني من التحقيق، قائلًا: "قرأت الجزء الثاني من القطعة المسماة زورًا بالتحقيق الصحفي، فكانت استكمالا للجاجة الجزء الأول بكل ما فيه من لدد الخصومة، واستعراضا لإمكانية التلاسن إلى الأبد وإيراد ردود مشوهة يتخطى الواحد منها ألفي كلمة!".

وفي ختام تعليقه، قال: "هذه المنصات سياسية بحتة يلتقي فيها إخوان هاربون مع معارضين مختلين في خطاب هجين بين أقصى درجات التطرف الديني وأخبل درجات العلمانية، منتحلةً صفة منصات صحفية. ليتحصن ما هو سياسي بما هو صحفي، فينتهي الحال بفشل كليهما في كل تجربة من ذات الجنس".

تم نسخ الرابط