التاريخ الهجري اليوم.. أسرار ومعلومات عن شهر ذي القعدة في أول أيامه

مع بداية أول أيام شهر ذي القعدة للعام الهجري 1446، يتساءل كثيرون عن فضائل هذا الشهر ومكانته في التقويم الإسلامي، خاصة أنه من الأشهر الحرم التي لها خصوصية كبيرة في الشريعة الإسلامية والتاريخ النبوي. ويُعد ذي القعدة من الأشهر الأربعة التي حرّم الله فيها القتال، وجعلها مواسم للعبادة والطاعة والسلام.
وبحسب ما أعلنته دار الإفتاء المصرية، فإن اليوم التاسع والعشرين من شهر إبريل هو غرة شهر ذي القعدة، وهو الشهر الحادي عشر في السنة الهجرية، ويليه شهر ذو الحجة الذي يؤدي فيه المسلمون فريضة الحج. وبهذا يبدأ العد التنازلي لموسم الحج، ما يمنح ذي القعدة روحًا إيمانية خاصة، واستعدادًا روحيًا للركن الخامس من أركان الإسلام.
لماذا سُمّي بـ “ذي القعدة”؟
أوضح علماء اللغة والتاريخ الإسلامي أن اسم “ذي القعدة” يعود إلى أن العرب كانوا يقعدون فيه عن القتال، أي يمتنعون عن الحروب والغزوات التزامًا بحرمة الشهر. وقد أشار القرآن الكريم إلى الأشهر الحرم في قوله تعالى:“إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ… مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ…” [التوبة: 36].
فضائل شهر ذي القعدة
• يُعد ذي القعدة واحدًا من الأشهر الحرم الأربعة (رجب، وذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم)، التي تتضاعف فيها الحسنات والسيئات.
• هو من الشهور التي شهدت أحداثًا نبوية عظيمة، منها صلح الحديبية الذي وقع في السنة السادسة للهجرة، وكان في هذا الشهر.
• ورد في بعض الأحاديث أن العمل الصالح في الأشهر الحرم له فضل خاص وأجر مضاعف، لا سيما مع اقتراب موسم الحج.
ما يشرع فعله في ذي القعدة
• الإكثار من الاستغفار والذكر والصيام التطوعي، خاصة أيام الاثنين والخميس.
• تهيئة النفس لعبادة الحج لمن نوى، أو صيام يوم عرفة لمن لم يُدرك الحج.
• الإحسان للناس والابتعاد عن الظلم، لما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الظلم في الأشهر الحرم أعظم إثمًا.
أبرز ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم في شهر ذي القعدة:
1. جميع عمرات النبي كانت في ذو القعدة: ففي " الصحيحين " : عن أنس بن مالك قال : ( اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع عمر ، كلهن في ذي القعدة ، إلا التي كانت مع حجته : عمرة من الحديبية أو زمن الحديبية في ذي القعدة ، وعمرة من العام المقبل في ذي القعدة ، وعمرة من الجعرانة حيث قسم غنائم حنين في ذي القعدة ، وعمرة مع حجته ) .
وهذه العمرات هي:
• عمرة الحديبية (السنة 6 هـ)
• عمرة القضاء (السنة 7 هـ)
• عمرة الجعرانة (بعد غزوة حنين)
• عمرة الحج (السنة 10 هـ)
قال ابن القيم رحمه الله:“وكان هديه صلى الله عليه وسلم أن يعتمر في أشهر الحج، وأفضلها ذو القعدة، إذ اعتمر فيه ثلاث عمر.”
2. بدء الاستعداد لحجة الوداع: في السنة العاشرة للهجرة، خرج النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة المنورة لأداء حجة الوداع في أواخر ذي القعدة، تحديدًا في اليوم الخامس والعشرين.
قال جابر بن عبد الله رضي الله عنه:
“خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، حتى أتينا ذا الحليفة، فولد لأبي جهم غلام، فسمّاه محمدًا، فلبى رسول الله بالحج والعمرة…”
– رواه مسلم.
3. الالتزام بحرمة الأشهر الحرم: كان النبي صلى الله عليه وسلم يوقّر الأشهر الحرم، ولا يبتدئ فيها قتالًا، ويحث أصحابه على ذلك.
قال الله تعالى:
“فلا تظلموا فيهن أنفسكم” [التوبة: 36]
أي: عظّموا شأن هذه الأشهر واجتنبوا المعاصي فيها.
4. زيادة الأعمال الصالحة: كان النبي يُكثر في هذه الأشهر من الأعمال الصالحة كـ:
• الذكر والدعاء
• تلاوة القرآن
• الصيام المستحب (مثل الاثنين والخميس)
• التجهيز للخير والاستعداد الروحي للحج
عن ابن عباس رضي الله عنه قال:“العمل الصالح في الأشهر الحرم أعظم أجرًا، والظلم فيها أعظم إثمًا، وإن كان الظلم في كل حال عظيمًا، إلا أن الله يعظّم من أمره ما يشاء.