كيف تحمي قلبك من الفتنة؟ دروس عميقة من الدكتور علي جمعة

يجد المسلم نفسه في العديد من المواقف التي تختبر إيمانه وتثبِّت قلبه. ومن هذه المواقف التي قد تثير الفتنة وتزلزل اليقين، هي النصوص المتشابهة التي قد تثير تساؤلات وشكوكًا، خاصة تلك التي تدور حول ذات الله سبحانه وتعالى. فكيف نتعامل مع هذه النصوص دون أن نقع في فتن التأويل والخوض فيما لا يحق لنا التفكير فيه؟
التشابهات في القرآن الكريم: التفسير والتفويض
يشير د. علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، عبر صفحته الرسمية على الفيسبوك، إلى أنه في القرآن الكريم والسنة النبوية توجد نصوصٌ ظاهرها قد يفسرها البعض على أنها تتعلق بالجسمية أو الجهة أو الصورة لله تعالى. ويؤكد أن هذه النصوص هي من المتشابهات التي استأثر الله تعالى بعلمها. لذا، يجب على المسلم أن لا يخوض في تفسير هذه النصوص بما يوافق هواه، بل يُفوض علمها إلى الله سبحانه وتعالى، امتثالًا لقوله تعالى: (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) [آل عمران: 7].
التفكر في ذات الله أمر محرم
لقد ورد في الحديث الشريف: "تفكروا في خلق الله ولا تفكروا في الله فتهلكوا"، وهذا يدل على أن التفكر في ذات الله عز وجل محرم، إذ أن الله سبحانه وتعالى لا يحيط به عقل ولا تفكير بشري. وعليه، فإن المسلم مطالب بتفويض هذه الأمور إلى الله، فلا يكون له أن يتساءل عن كيفية الله أو مكانه.
منهج السلف في التعامل مع المتشابهات
المنهج الصحيح في التعامل مع هذه النصوص هو التفويض والتأويل مع التنزيه، كما كان عليه السلف الصالح. وهذا ما أكده العلماء عبر العصور، من أمثال الإمام الغزالي، الذي ذكر أن من أخذ علمه من الألفاظ فقط، فقد ضلَّ، أما من رجع إلى العقل، فاستقام أمره.
القدرة على التفكر والتأمل دون الوقوع في الفتن
د. علي جمعة ينبه المسلمين إلى ضرورة العمل بالعقل واللسان في الأمور التي تفيد الإنسان، فيقول: "على المسلم أن يُفكر في آلاء الله تعالى وآياته، وألا يضيع وقتًا في التفكر في ذاته التي لا تُدرك، بل يشغل لسانه بذكر الله ويستغفره".
وفي ختام حديثه، يُؤكد د. علي جمعة أن السلف الصالح كانوا يُفوضون علم المتشابهات لله تعالى مع التنزيه والتسبيح لله عما يصفه الجاهلون. وفي هذا الطريق يكون النجاة من الفتن والحفاظ على الإيمان الثابت.
دروس مهمة للمؤمنين
لقد تطرق د. علي جمعة إلى جوانب عديدة في مسألة المتشابهات، وقدم دروسًا هامة للمؤمنين حول كيفية حماية قلوبهم من الفتنة، والأخذ بمنهج السلف الصالح في فهم النصوص. عليه، يجب أن يكون المسلم حذرًا في التعامل مع المتشابهات وأن يُفوض علمها إلى الله تعالى، مع المحافظة على العقيدة الصحيحة التي لا شبهة فيها.
من خلال هذه النصائح، يُمكن للمؤمن أن يحمي قلبه من الفتنة بالابتعاد عن الخوض في ذات الله وتفويض علم المتشابهات إلى الله تعالى. فالثبات على منهج السلف الصالح والابتعاد عن التأويل الباطل هو السبيل الأوحد للمحافظة على الإيمان وحماية القلب من الشبهات التي قد تزعزع يقينه.