هل يجوز فرم المصاحف القديمة وإعادة تدوير الكتب الدينية؟ د.علي جمعة يجيب

أوضحت دار الإفتاء المصرية، عبر فتوى صادرة عن فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة محمد، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، الحكم الشرعي في مسألة فرم المصاحف القديمة والكتب الدينية باستخدام آلات التقطيع وإعادة التصنيع.
جاءت الفتوى لتؤكد على أهمية الحفاظ على قدسية المصحف الشريف وشعائر الدين، وضرورة التعامل مع النصوص الدينية باحترام، حتى بعد تلفها أو قدمها.
تعظيم شعائر الله من دلائل صحة الإيمان
أكد فضيلة الدكتور علي جمعة أن تعظيم شعائر الله تعالى، ومنها كتابه الكريم والكتب الدينية، هو من علامات الإيمان السليم وتقوى القلوب.
واستدل بقوله سبحانه:
﴿وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ الله فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِندَ رَبِّهِۦ﴾ [الحج: 30]
وقوله: ﴿وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ [الحج: 32].
ومن هذا المنطلق، شددت الفتوى على أن إهانة المصحف أو الكتب الدينية بأي صورة يعد أمرًا محرمًا شرعًا، بل الواجب صيانتها وحمايتها بكل وسيلة ممكنة.
المصحف القديم.. كيف يتم التعامل معه شرعًا؟
بيّن الدكتور علي جمعة أن المصحف إذا كان صالحًا للقراءة فلا يجوز بحال إتلافه أو التخلص منه.
أما إذا أصبح باليًا أو تالفًا، بحيث تعذر الانتفاع به، أجاز بعض أهل العلم إتلافه بطريقة تحفظ له حرمته، مثل:
الحرق المباح شرعًا لغرض صحيح، كما ورد عن الصحابة رضوان الله عليهم عند جمع المصاحف في عهد الخليفة عثمان بن عفان.
أو الفرم الكامل، عبر آلات تقطيع الأوراق (المفرمات) بحيث تزول معها معالم النصوص القرآنية والكلمات المقدسة.
وقد اعتبر الدكتور علي جمعة أن الفرم الكامل وسيلة حديثة مقبولة شرعًا، تحقق نفس الغاية من الحرق التقليدي ولكن بطريقة أكثر أمانًا ونظافة.
شروط وضوابط فرم المصاحف والكتب الدينية
وضعت الفتوى شروطًا أساسية يجب الالتزام بها عند فرم المصاحف والكتب الدينية، وهي:
- الحرص على التعامل باحترام أثناء النقل والتسليم للفرم.
- التأكد من أن عملية الفرم تقضي تمامًا على النصوص القرآنية والأحاديث النبوية وأسماء الله الحسنى.
- ألا يتم استخدام الناتج بعد الفرم في أغراض تحتقر ما كان عليه من قدسية.
وبعد زوال النصوص، يجوز الاستفادة من الناتج كمادة صناعية خام لصناعات ورقية جديدة.
الفرم حماية وليس إهانة
أوضحت دار الإفتاء أن اللجوء إلى فرم المصاحف البالية والأوراق الدينية ليس إهانة لها، بل هو نوع من التعظيم والحفاظ على قدسيتها من التعرض للإهمال أو الامتهان بطريقة غير مقصودة.
ويدخل ذلك ضمن قول النبي صلى الله عليه وسلم:
«إن الله كتب الإحسان على كل شيء.» (رواه مسلم)، أي أن الإحسان حتى في طريقة التخلص من الأوراق المقدسة مطلوب شرعًا.
رسائل هامة للمسلمين حول احترام النصوص المقدسة
اختتمت الفتوى بالتأكيد على أن التعامل مع الكتب والمصاحف الدينية يجب أن يكون دائمًا نابعًا من التعظيم القلبي لما تمثله من شعائر الله.
فاحترام المصحف الشريف والكتب الدينية لا يقتصر على قراءتها فحسب، بل يشمل أيضًا طريقة حفظها، وصيانتها، وحتى كيفية التخلص منها عند تلفها.