دار الإفتاء توضح حكم استخدام الدبوس والمكبس في ملابس الإحرام للرجال

مع اقتراب موسم الحج، وتزايد استفسارات الحجاج عن ضوابط ملابس الإحرام، أصدرت دار الإفتاء المصرية فتوى رسمية حسمت فيها الجدل حول استخدام الرجال لأدوات التثبيت مثل الدبوس المشبك والمكبس المعدني في ملابس الإحرام، مؤكدة أن ذلك لا يجوز شرعًا، لما فيه من مخالفة واضحة لهدي النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
تفاصي الفتوى حول أدوات تثبيت الإحرام
أوضحت دار الإفتاء أن ملابس الإحرام للرجل يجب أن تكون غير مخيطة، أي غير مفصلة أو محاكة على هيئة أعضاء الجسم. وبيّنت أن استخدام أدوات مثل الدبابيس أو المكابس لتثبيت الإحرام يُعتبر من وسائل اللبس التي تندرج تحت المخيط أو ما في معناه، وبالتالي فهي مخالفة لأحكام الإحرام.
وأكدت الفتوى أن المقصود بالمخيط ليس فقط ما تم خياطته بالإبرة والخيط، بل كل ما تم تشكيله وتفصيله ليأخذ هيئة عضو من أعضاء الجسم أو يُستخدم بطريقة مشابهة للبس العادي. وبالتالي، فإن استخدام أي وسيلة تُغير من هيئة الإحرام الأصلية يُعد غير جائز شرعًا.
لماذا يُمنع استخدام الدبوس في الإحرام؟
تشرح الفتوى أن أحد أبرز أهداف ملابس الإحرام هو تحقيق مظهر التجرّد من الزينة والتكلف، ليقف الإنسان أمام ربه متواضعًا، مجردًا من مظاهر الدنيا، وهو ما يتحقق بالرداء والإزار غير المخيطين. وعند استخدام أدوات تثبيت كالتي يشيع استعمالها، يتغير شكل الإحرام ويقترب من المخيط، مما يُخل بروح النسك ومعانيه.
كما شددت دار الإفتاء على أن تثبيت الإحرام يمكن أن يتم بوسائل شرعية أخرى، مثل لفّ الرداء بشكل محكم أو استخدام حزام قماشي غير مخيط يربط حول الخصر، وهو ما لا يُخالف ضوابط الإحرام.
هل هناك استثناءات للمرضى وكبار السن؟
طرحت الفتوى تساؤلًا منطقيًا قد يدور في أذهان البعض، وهو: هل يجوز التيسير باستخدام هذه الأدوات لكبار السن أو من يعانون من مشكلات صحية؟ وجاء الرد واضحًا بأن الضرورة تُقدر بقدرها، وأنه يمكن البحث عن بدائل مشروعة تُحقق الراحة دون مخالفة.
ففي حالات خاصة جدًا، يمكن الرجوع إلى أهل الفتوى لأخذ رأي مباشر في الحالة الفردية، لكن الأصل العام هو الالتزام بهيئة الإحرام المعروفة دون تعديل، ما لم توجد ضرورة قهرية وبشروط دقيقة.
الفتوي: لا اجتهاد في العبادات الثابتة
حرصت دار الإفتاء على التأكيد بأن العبادات، وخاصة ما كان منها منصوصًا ومحددًا بأفعال وهيئات كالطواف والإحرام والسعي، لا مجال فيها للاجتهاد أو التغيير الشخصي، بل يجب الالتزام التام بما ورد في السنة النبوية.
كما أشارت إلى أهمية الرجوع إلى العلماء قبل أداء المناسك، حتى لا يقع الحاج أو المعتمر في أخطاء قد تؤثر على صحة نسكه دون أن يدري، خاصة مع انتشار معلومات مغلوطة على بعض وسائل التواصل.
دعوة للتوعية قبل موسم الحج
في ظل استعداد آلاف المصريين للسفر إلى الأراضي المقدسة، دعت الفتوى إلى ضرورة تكثيف حملات التوعية والندوات الشرعية لتثقيف الحجاج والمعتمرين، سواء عبر الإنترنت أو من خلال الدروس المباشرة، حتى يُؤدى النسك على الوجه الأكمل ووفقًا للضوابط الشرعية.
وشددت على أن معرفة أحكام الحج والعمرة ليست رفاهية، بل واجبة على كل من ينوي أداء هذه الشعيرة، لأن الجهل بها قد يؤدي إلى مخالفة شرعية تُنقص من الأجر أو تُفسد العبادة.
ملابس الإحرام عبادة
في الختام، أكدت دار الإفتاء أن ملابس الإحرام ليست مجرد زي، بل شعيرة من شعائر الحج تتطلب التزامًا كاملاً بتفاصيلها، وأن أي تدخل في هيئتها كاستخدام الدبوس أو المكبس يخرجها من صورتها الشرعية. وأوصت الحجاج بالالتزام بهدي النبي صلى الله عليه وسلم في أدق التفاصيل، ليكون حجهم مقبولًا وسعيهم مشكورًا.