كلمة واحدة وصف بها النبي من يصلي الضحى.. اغتنمها ولا تتركها

في زحام الحياة اليومية، قد يغفل الكثير من الناس عن بعض النوافل ومنهم صلاة الضحى التي أوصى بها النبي محمد صلى الله عليه وسلم، رغم عظيم فضلها وسهولة أدائها، ومن هذه الصلوات التي تحمل في طياتها كنوزًا من الأجر والثواب، صلاة الضحى، تلك الصلاة التي وصف رسول الله من يحافظ عليها بكلمة واحدة تختصر كل المعاني: "أوّاب".
هذه الكلمة النبوية جاءت في حديث شريف حمل دلالة عظيمة، تؤكد مكانة هذه الصلاة وأثرها على سلوك الإنسان وقربه من الله، فما معنى كلمة "أوّاب"؟ ولماذا ربطها النبي بصلاة الضحى تحديدًا؟ وهل هناك أسرار خفية في هذه الصلاة تجعلها مفتاحًا للرزق والمغفرة والرضا الإلهي؟ هذا ما سيتم توضيحيه خلال السطور التالية.
ما هي صلاة الضحى؟
صلاة الضحى هي صلاة نافلة، تؤدى في وقت الضحى، أي بعد شروق الشمس بنحو 15 دقيقة وحتى قبل أذان الظهر بحوالي ربع ساعة، وتُصلى ركعتين على الأقل، ويمكن زيادتها إلى أربع أو ست أو حتى ثمان ركعات، حسب القدرة والرغبة في نيل الأجر.
وقد وردت في فضلها أحاديث نبوية كثيرة، لكن ما يميزها حقًا هو الحديث الذي رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يُصبح على كل سُلامى من أحدكم صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن منكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى"، هذا الحديث يوضح أن صلاة الضحى تُكافئ عن كل مفصل في جسم الإنسان، وكأنها شكر يومي عملي على نعمة الصحة والبدن.
من هو "الأواب"؟ ولماذا هذا الوصف؟
في الحديث النبوي الشريف الذي رواه الإمام مسلم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يُحافظ على صلاة الضحى إلا أواب، وهي صلاة الأوابين".
"الأوّاب" هو كثير الرجوع إلى الله، دائم الذكر، سريع التوبة. والكلمة تعني في اللغة من يكثر الأوبة والعودة إلى ربه، لا يلهيه شيء عن الاستغفار والدعاء والرجوع إلى الله في كل وقت، وربط النبي هذا الوصف الكريم بمن يحافظ على صلاة الضحى، يعكس عظم شأن هذه الصلاة في تهذيب النفس وربط القلب بالله تعالى.
فضل صلاة الضحى
صلاة الضحى ليست مجرد نافلة، بل هي باب واسع من أبواب البر والخير، وهنا بعض ما ورد في فضلها:
- سبب لغفران الذنوب: جاء في الحديث الصحيح أن من صلى الضحى بإخلاص، يغفر الله له ما تقدم من ذنبه.
- تفتح أبواب الرزق: الكثير من العلماء والمفسرين أكدوا أن من حافظ على الضحى فتح الله عليه أبواب الرزق والبركة.
- من صفات المحسنين: وصف الله عباد الرحمن في القرآن بأنهم "كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون"، وصلاة الضحى تكمل هذا النهج اليومي في العبادة.
- امتثال لهدي النبي: فقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحافظ عليها، ويوصي أصحابه بها.
كم عدد ركعاتها؟ ومتى أفضل وقت لأدائها؟
صلاة الضحى تُصلى ركعتين على الأقل، ويمكن زيادتها كما يشاء المسلم، إلى أربع أو ست أو حتى ثمان، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى ثمان ركعات في بعض الأيام.
أما أفضل وقت لها، فهو حين تشتد الشمس قليلًا، أي بعد الشروق بساعة تقريبًا وحتى قبل أذان الظهر، ويُقال إن أفضل وقت لها هو منتصف وقت الضحى، وهو ما يعرف عند الفقهاء بـ"حين ترمض الفصال"، أي حين تشتد حرارة الشمس على صغار الإبل.
هل تُكتب من الذاكرين الله كثيرًا؟
نعم، من يُحافظ على صلاة الضحى يُعدّ من الذاكرين الله كثيرًا والذاكرات، لأن هذه الصلاة تتطلب يقظة قلبية وروحية في وقت ينشغل فيه أغلب الناس بأعمالهم ودنياهم، وهي دليل على صدق الإيمان والارتباط بالله في كل الأوقات، لا في أوقات الفريضة فقط.
صلاة الضحى.. سلاح سري للرزق والبركة
الكثير من العلماء وطلاب العلم أكدوا أن من داوم على صلاة الضحى رأى في حياته أثرًا عجيبًا في تيسير الأمور، وتفريج الكروب، وزيادة الرزق، حتى أن بعضهم نصح بها للتجار وأصحاب الأعمال الحرة، لما فيها من بركة لا تُوصف.
اغتنم هذا الوصف.. ولا تتركها
أن توصف بكلمة "أواب" من قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم، هو شرف عظيم، فهذه الكلمة ليست مجرد لقب، بل هي شهادة من النبي بأنك من الراجعين إلى الله دومًا، وهي مرتبة عظيمة لا يصل إليها إلا من واظب على العمل الصالح بصدق نية ودوام ذكر.