عاجل

لوط عليه السلام وقومه.. مواجهة الانحراف ودرس قرآني في الثبات على الفطرة

قصه سيدنا لوط
قصه سيدنا لوط

في سرد قرآني مفعم بالعِبر والدروس، تتجلى قصة نبي الله لوط عليه السلام كواحدة من أكثر القصص التي تصدّت لانحراف أخلاقي صارخ، لتبقى شاهدة على مواجهة نبي كريم لقومٍ خرجوا عن الفطرة، وتمادوا في فسادهم، متحدين دعوة الإصلاح، حتى حل بهم العذاب الذي لم يُبقِ منهم أحدًا.


دعوة لوط عليه السلام لقومه: فطرة مغروسة وواقع منحرف

أُرسل لوط عليه السلام إلى قومه في منطقة سدوم وما حولها، وكانوا قد اشتهروا بفاحشة اللواط، وهي ممارسة لم يسبقهم إليها أحد من العالمين. جاءهم لوط بدعوة صريحة: أن يعودوا إلى الفطرة، ويكفّوا عن هذا السلوك الذي يُخالف سنة الله في الخلق.

قال تعالى على لسانه:
“أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ”
[الأعراف: 80]

العناد في وجه الحق

لم يُقابل القوم دعوته بالحكمة أو الاستجابة، بل قابلوها بالاستهزاء والتهديد. قالوا له: “أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون” [النمل: 56]، في إشارة ساخرة لتمسكه بالطهارة والفطرة، وكأن الطُهر أصبح تهمة في مجتمعهم المنكوس.

بل وتمادوا حتى حاولوا الاعتداء على ضيوفه – وهم الملائكة الذين أُرسلوا له في صورة بشر – فزاد ذلك في إثمهم، وبلغ الفساد ذروته.

العذاب ينزل.. والنجاة للمؤمنين

حين أغلقت القلوب، وأُصرّ على الفاحشة، جاء أمر الله بالعذاب، فأُمِر لوط ومن آمن معه بالخروج ليلًا، وألا يلتفتوا، فأنزل الله عذابًا عظيمًا:
“فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل منضود”
[هود: 82]

نجا لوط ومن معه، وأُهلك القوم بكاملهم، ليصبحوا عبرة للتاريخ، وحجة على كل من يسير في دربهم من بعدهم.

الرسائل الخالدة في قصة لوط عليه السلام

قصة لوط ليست قضية أخلاقية فقط، بل قضية دعوية وتربوية ومجتمعية بامتياز، تحمل في طياتها رسائل عدة، منها:
• أن الانحراف الأخلاقي إذا لم يُواجه بالحزم والموعظة، يتفشى حتى يصير مألوفًا.
• أن الطهارة والاستقامة قد تصبح موضع سخرية في مجتمعاتٍ اختلطت فيها القيم، لكنها عند الله شرفٌ ونجاة.
• أن الفطرة ليست رأيًا بشريًا، بل قانون إلهي لا يقبل التغيير أو التحايل.
• أن المجاهرة بالمعصية سبب عذاب عاجل، كما حصل مع قوم لوط الذين طُبعت نهايتهم في الذاكرة البشرية

تم نسخ الرابط