عاجل

كيف تعامل الإسلام مع الظن السئ؟.. فتوى للدكتور علي جمعة توضح بالأدلة

الدكتور علي جمعة
الدكتور علي جمعة

في زمن كثر فيه التسرع في الحكم على الآخرين، يعود الشرع الشريف ليذكّرنا بقيمة عظيمة من قيم الإسلام، وهي "حُسن الظن بالناس"، التي أكدتها نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية. وقد أوضح فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة محمد، مفتي الديار المصرية الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، في فتوى نُشرت عبر موقع دار الإفتاء المصرية، أن الأصل في الناس البراءة والسلامة، وأن الشرع نهى صراحة عن الظن السيئ الذي يفتك بالمجتمعات ويزرع الشكوك بين أفرادها.

سوء الظن.. محرم شرعًا ويؤدي للغيبة والتجسس

استشهد الدكتور علي جمعة بقول الله تعالى في سورة الحجرات:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُمْ بَعْضًا﴾ [الحجرات: 12]، مشيرًا إلى أن هذه الآية جمعت بين ثلاث محرمات: سوء الظن، التجسس، والغيبة، مما يوضح خطورتها في حياة الأفراد والمجتمعات.

ونقل عن الإمام ابن كثير في تفسيره، أن هذه الآية نزلت نهيًا للمؤمنين عن التهمة والشك في غير موضعهما، لأنه قد يكون الظن في غير محله إثمًا محضًا يجب اجتنابه.

حُسن الظن.. من صفات أهل الإيمان

وضرب فضيلته مثالًا من القرآن الكريم على أهمية إحسان الظن، من خلال موقف حادثة الإفك التي تعرضت لها أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها. ففي هذه الواقعة، أنزل الله تعالى قرآنًا يُتلى إلى يوم القيامة، يلوم فيه المؤمنين على عدم إحسان الظن بأم المؤمنين، حيث قال تعالى:
﴿لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا﴾ [النور: 12].

ويوضح الإمام الطبري في تفسيره أن المؤمنين كالجسد الواحد، وكان ينبغي عليهم أن يظنوا خيرًا ببعضهم البعض لا أن يصدقوا الشائعات.

الرسول يعلمنا أن نُحسن الظن.. حتى في المواقف البسيطة

ومن السنة النبوية، أورد الدكتور علي جمعة موقفًا بديعًا يُظهر حرص النبي صلى الله عليه وسلم على ترسيخ حُسن الظن. فقد رُوي عن السيدة صفية رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان معتكفًا، فجاءت تودعه، وبينما هي عائدة رآهما رجلان من الأنصار، فأسرعا في المشي، فقال لهما النبي:
"على رسلكما، إنها صفية بنت حيي"، فلما تعجبّا قال:
"إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما سوءًا".
[رواه البخاري ومسلم].

هذا الحديث يُظهر كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يراعي خواطر الناس، ويقطع الطريق على الشيطان الذي يوسوس بالظنون.

خلاصة القول: الأصل في الناس البراءة وحسن الظن

أكد فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة أن الأصل في تعامل المسلمين مع بعضهم هو "حُسن الظن"، ما لم تظهر قرينة واضحة تدل على غير ذلك. فالتسرع في الاتهام، أو إساءة النية، يخالف مقاصد الشريعة الإسلامية التي تدعو إلى الرحمة والستر وحماية العلاقات الإنسانية.

تم نسخ الرابط