عاجل

فتوى المؤسسة أم الأفراد؟.. أمين الفتوى يكشف الفرق الخطير بين منهجين في الإفتاء

أمين الفتوى
أمين الفتوى

في عصر الانفتاح الرقمي والانفجار المعرفي، لم تعد الفتوى حكرًا على أهل الاختصاص، بل أصبحت مادة متداولة على وسائل التواصل، يُدلي فيها كل من امتلك لسانًا أو شاشة بث مباشر. ومن هنا تنبع أهمية العودة إلى منهج الفتوى المؤسسية بدلًا من الاعتماد على فتاوى الأفراد التي قد تفتقر إلى التأصيل العلمي والانضباط الشرعي.

وفي هذا السياق، وجّه الدكتور هشام ربيع، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية عبر صفحته الرسمية على "فيسبوك" رسالة تحذيرية مهمة، سلّط فيها الضوء على الفروق الجوهرية بين الفتوى التي تصدر عن جهة علمية موثوقة، وتلك التي يُطلقها بعض الأفراد دون تأهيل علمي أو مسؤولية شرعية، مما قد يُفضي إلى فوضى فكرية وبلبلة اجتماعية.

الفتوى المؤسسية.. ضمان للاتزان والحكمة والتكامل

بحسب ما أشار إليه الدكتور هشام ربيع، فإن الفتوى المؤسسية تمتاز بعدة عناصر تجعلها أكثر توازنًا وثقة، فهي نتاج عمل جماعي متكامل يجمع بين الاختصاص الشرعي والخبرة المجتمعية، مما يجعلها أكثر دقة في تنزيل الحكم الشرعي على الواقع.
 

وقال الدكتور هشام إن الفتوى التي تصدر عن مؤسسات رسمية، مثل دار الإفتاء المصرية، تمر بعدة مراحل من البحث والمراجعة، وتستند إلى مصادر موثوقة من القرآن الكريم والسنة النبوية وإجماع العلماء، مع مراعاة المقاصد الشرعية والواقع المعاصر.
 

ولفت إلى أن هذه الفتاوى تسعى دائمًا إلى جمع الناس على كلمة سواء، لا إلى تفريقهم، وتحقيق السلم الاجتماعي والاستقرار الديني والفكري، بعيدًا عن الفوضى التي قد تحدثها اجتهادات غير منضبطة.
 

فتاوى الأفراد.. اجتهادات غير محسوبة ومخاطر متعدّدة

في المقابل، حذّر الدكتور هشام من خطورة الاعتماد على فتاوى الأفراد، خاصة تلك التي تصدر عبر منصات التواصل دون تأهيل علمي أو مرجعية مؤسسية. وقال: "فتوى الأفراد قد يعتريها الخطأ أو الوهم، وإن شئتَ قلتَ: الانحراف والشذوذ في بعضها!"

وأوضح أن هذه الفتاوى قد تفتقد للمنهجية العلمية والضبط الفقهي، وتؤدي في كثير من الأحيان إلى إثارة البلبلة بين الناس، ونشر الفُرقة والخلاف داخل المجتمع.

وأضاف أن هناك من يتصدرون للفتوى بدافع الشهرة أو جمع المتابعين، لا بغرض بيان الحق ونشر الوعي، وهنا يكمن الخطر الحقيقي على وعي المسلم ودينه واستقرار وطنه.

الفرق الجوهري بين المؤسسية والفردية في الإفتاء

يبرز الفرق بين المنهجين في أن الفتوى المؤسسية تنطلق من فهم جماعي للنصوص والتخصص الدقيق في فروع الشريعة، بينما الفتوى الفردية كثيرًا ما تكون تعبيرًا عن رأي شخصي أو فهم ناقص، قد لا يراعي تغير الزمان والمكان، ولا يعرف آثار الفتوى على الواقع، وكما أن الفتوى المؤسسية تصدر عن أهل الذكر الذين أمرنا الله بالرجوع إليهم، في حين أن الفتاوى الفردية قد تصدر من أشخاص لم يدرسوا العلم الشرعي دراسة حقيقية، مما يجعلها مليئة بالتناقضات والتسرع وسوء الفهم.
 

وأشار إلى أن هذا الالتزام لا يحفظ فقط دين الفرد، بل يساهم في تحقيق الأمن الفكري والاستقرار المجتمعي، ويمنع الفتن التي قد تخرج من رحم الجهل وسوء الفهم.

الفتوى المؤسسية ضرورة شرعية واجتماعية

إن الفتوى ليست رأيًا شخصيًا يُطلق دون قيود، بل هي مسؤولية شرعية عظيمة، ولذلك فإن المؤسسات الرسمية التي تعمل بعلم وتأنٍ هي الأحق بحمل هذه الأمانة، ومع كثرة الفتاوى وانتشار الفوضى عبر الإنترنت، فإن تمسّك المسلم بالفتوى المؤسسية يعد ضمانًا لدينه، وصيانة لوطنه من التفرقة والبلبلة.

تم نسخ الرابط