قصة فاطمة بنت الخطاب .. حكايات صمود امرأة هزّ قلب رجل

في زمنٍ كانت فيه المرأة تُعزل عن القرار وتُهمّش عن المواقف الكبرى، برزت فاطمة بنت الخطاب كأيقونة شجاعة ونموذج نادر في التاريخ الإسلامي. هي شقيقة الفاروق عمر بن الخطاب، ولكنها سبقت أخاها إلى الإسلام، وكانت أحد أسباب إسلامه، لتُحدث بذلك نقطة تحول فارقة في مسار الدعوة النبوية.
إسلام فاطمة بنت الخطاب وزوجها سرًا
أسلمت فاطمة في الأيام الأولى للدعوة، في سرية تامة، مع زوجها سعيد بن زيد، أحد العشرة المبشرين بالجنة. تحمّلت، كغيرها من الصحابة، أعباء الإيمان في الخفاء، وسط مجتمعٍ لا يرحم من يخرج عن دين آبائه. لكن قوة إيمانها، وثقتها في صدق النبي محمد صلى الله عليه وسلم، جعلتها لا تتردد في اتخاذ القرار المصيري.
المواجهة الحاسمة مع عمر بن الخطاب
بلغ الغضب بعمر ذروته عندما علم بإسلام النبي وأصحابه، فخرج ذات يوم يحمل سيفه، عاقدًا العزم على قتل النبي. غير أن أحد رجال قريش فاجأه بقوله: “ابْدَأْ بنفسك يا عمر، فإن أختك فاطمة وزوجها قد أسلما!” فاشتعلت النار في قلبه، وتوجّه مباشرة إلى بيتها، وهناك كانت المواجهة.
ضرب عمر شقيقته ضربًا شديدًا حتى سال دمها، لكنه فوجئ بها لا ترتجف، ولا تتراجع، بل واجهته بثبات وقالت:“افعل ما بدا لك، فإني قد أسلمت وآمنت بالله ورسوله.”
كانت تلك اللحظة فارقة؛ لم يتوقع عمر أن يرى في شقيقته كل هذا الصمود. سكن غضبه، وطلب أن يقرأ ما بحوزتها من القرآن، فناولته الصحيفة التي كُتب فيها أوائل سورة طه.
قرأ عمر بن الخطاب الآيات بصوت مرتجف، كأنها تخاطب قلبه مباشرة: “طه، ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى…”
فشعر أن هذه الكلمات ليست من كلام البشر. تحوّلت قسوته إلى خشوع، وغضبه إلى رغبة في المعرفة، فتوجّه على الفور إلى دار الأرقم، حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم مجتمعًا بأصحابه، وهناك أعلن إسلامه، في مشهدٍ خلّده التاريخ.
امرأة صنعت فارقًا
لولا ثبات فاطمة بنت الخطاب في تلك اللحظة الحرجة، وصبرها على الأذى، لربما تأخر إسلام عمر، أو لم يحدث بنفس الزخم الذي شكّل لاحقًا دفعة قوية للدعوة. لقد كانت فاطمة صوتًا نقيًّا للحق، وواحدة من النساء اللاتي لا يقلّ عطاؤهن عن أعظم الرجال.
لم تكن فقط أخت عمر بن الخطاب، بل كانت أختًا للحق، وصانعة لحظة تاريخية، تردّد صداها حتى اليوم في كتب السيرة والقلوب المؤمنة