هل يحرم تفويت خطبة الجمعة؟.. دار الإفتاء توضح الحكم الشرعي وآراء الفقهاء

في ظل انشغالات الحياة وتسارع وتيرتها، قد يتأخر بعض المسلمين عن حضور خطبة الجمعة، أو يكتفون بالوصول مع إقامة الصلاة، مما يثير تساؤلات شرعية متكررة: هل تفويت خطبة الجمعة محرم؟ وهل يؤثر على صحة الصلاة؟ هذا ما أجابت عنه دار الإفتاء المصرية، إلى جانب توضيحات من كبار العلماء والمذاهب الفقهية.
رأي دار الإفتاء : لا تبطل الصلاة لكن يفوت الأجر
أكدت دار الإفتاء أن تفويت خطبة الجمعة لا يُبطل الصلاة، لكنها أوضحت أن حضور الخطبة جزءٌ لا يُستهان به من شعائر الجمعة. وأشارت إلى أن التبكير إلى المسجد يوم الجمعة سنة مؤكدة، وهو من تعظيم شعائر الله.
وأوضحت أن الملائكة تكتب أسماء الداخلين للمسجد بحسب ترتيب الحضور، فإذا صعد الإمام على المنبر، تُغلق الصحف، ويجلسون يستمعون للذكر، مما يعني أن من تأخر عن الخطبة يفوّت هذا الفضل العظيم.
وفي الوقت نفسه، بيّنت الدار أن من تعمّد تفويت الخطبة دون عذر، قد يأثم، خاصة في مذهب المالكية، الذين يشددون في هذا الباب.
القرآن والسنة: السعي للذكر لا يقتصر على الصلاة فقط
استندت دار الإفتاء في فتواها إلى قوله تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ﴾ [الجمعة: 9].
وقد فسّر العلماء “الذكر” هنا بأنه يشمل الخطبة والصلاة معًا، وليس الصلاة فقط.
كما ورد في الحديث الشريف عن النبي ﷺ:“إذا كان يوم الجمعة، وقفت الملائكة على باب المسجد يكتبون الأول فالأول، فإذا خرج الإمام طووا صحفهم وجلسوا يستمعون الذكر” (متفق عليه).
آراء المذاهب الأربعة.. بين الإثم والكراهة
• المالكية: يرون أن حضور الخطبة واجب، وتفويتها عمدًا محرم ويُعد معصية.
• الحنفية: لا يشترطون حضور الخطبة لصحة الصلاة، لكن يفضلون التبكير.
• الشافعية: يعدونها سنة مؤكدة، ومن فاته الخطبة فقد أجرها لا أكثر.
• الحنابلة: يعتبرون التأخر مكروهًا، ويفوت به جزء مهم من الجمعة.
بالتالي، فإن التحريم أو الإثم يتوقف على نية المتأخر، والمذهب الذي يتبعه، لكن معظم العلماء اتفقوا على أن تفويت الخطبة دون عذر يُعد تهاونًا لا يليق بحرمة هذا اليوم
نصيحة شرعية: الجمعة ليست صلاة فقط
تختتم دار الإفتاء فتواها بدعوة المسلمين إلى أن ينظروا للجمعة على أنها محطة روحية كاملة، لا صلاة وحسب. فالخطبة فرصة لتعلم الدين، ولتلقي الموعظة، وهي جزء لا يتجزأ من أهداف الجمعة، لذلك من الواجب السعي لحضورها قدر الإمكان.