"وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل".. ما فضل قيام الليل وكيفيته؟
أكدت دار الإفتاء على اتفاق الفقهاء على أنَّ أول الليل يبدأ مع غروب الشمس، واختلفوا في تحديد آخره؛ والراجح مِن أقوال الفقهاء: أنه ينتهي بطلوع الفجر الصادق المعترض في الأفق؛ لقول الله تعالى: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ﴾ [هود: 114]، فالمقصود بقوله تعالى: ﴿طَرَفَيِ النَّهَارِ﴾ أي: صلاة المغرب وصلاة الفجر.
بيان فضل صلاة قيام الليل
صلاة الليل من أجل العبادات وأعظمها، وأفضل القربات وأحسنها، وهي دأب الصالحين، وسبيل الفالحين، امتدحها وامتدح أهلها رب العالمين؛ فقال في مُحكم آياته وهو أصْدق القائلين: ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾.
قال الإمام الزمخشري في “الكشاف”: ﴿تَتَجَافَى﴾ ترتفع وتنحَّى عن المضاجع داعين ربهم، عابدين له، لأجل خوفهم من سخطه وطمعهم في رحمته، وهم المتهجّدون. وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في تفسيرها: «قيام العبد من الليل».. والمعنى: لا تعلم النفوس أي نوع عظيم من الثواب ادخر الله لأولئك وأخفاه من جميع خلقه، لا يعلمه إلا هو مما تقر به عيونهم، ولا مزيد على هذه العدة ولا مطمح وراءها، ثم قال: ﴿جزاءً بما كانوا يعملونَ﴾ فحسم أطماع المتمنين.
ولما كان الليل ينقسم إلى أجزاء يختص بعضها بميزة عن غيرها من الفضل والأجر، احتاج المسلم أن يعرف هذه الأوقات ابتغاء نيل بركتها وإحيائها بالعبادة من القيام، والتهجد، وقراءة القرآن، والذكر، والدعاء وقت السحر، والحرص على إيقاع الأذكار في أوقاتها المحبوبة، فإن خير الناس من يراعي الأوقات لأجل ذلك؛ فعن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إن خيار عباد الله الذين يراعون الشمس والقمر والنجوم والظلال لذكر الله» أخرجه الأئمة: البيهقي في “السنن الكبرى”، والبغوي في “شرح السنة”، والطبراني في “الدعاء”، والحاكم في “المستدرك” ووثق إسناده.
قال زين الدين المناوي في “فيض القدير”: «إن خيار عباد الله» أي: من خيارهم «الذين يراعون الشمس والقمر والنجوم والظلال» أي: يترصدون دخول الأوقات بها «لذكر الله» أي: لأجل ذكره تعالى من الأذان للصلاة ثم لإقامتها، ولإيقاع الأوراد في أوقاتها المحبوبة.
بيان تحديد وقت الليل بداية ونهاية ودليل ذلك
اتفق الفقهاء على أن أول الليل يبدأ مع غروب الشمس، واختلفوا في تحديد آخره: هل ينتهي بطلوع الفجر، أو بطلوع الشمس؟
والراجح من أقوال الفقهاء: أنه ينتهي بطلوع الفجر الصادق المعترض في الأفق؛ لقول الله تعالى: ﴿وأقم الصلاة طرفَيِ النهار وزلفًا من الليل﴾، فالمقصود بقوله تعالى: ﴿طرفَي النهار﴾ أي: صلاة المغرب وصلاة الفجر؛ كما نقل الإمام الطبري في “جامع البيان” عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، ثم رجح ذلك بقوله: وأولى هذه الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: هي صلاة المغرب كما ذكرنا عن ابن عباس رضي الله عنهما.



