ما حكم العدة للمطلقة التي يطيل حيضها .. ومتى ينتهي وقتها؟ .. الإفتاء توضح
أوضحت دار الإفتاء أن المفتى به أن عدة المرأة ممتدة الطهر سنة قمرية، على مذهب الإمام مالك، وهذا هو الذي عليه العمل عند المحققين من الحنفية، وهو المعمول به في القضاء.
ما حكم العدة للمطلقة التي يطيل حيضها؟ .
المُفتَى به أنَّ عدة المرأة ممتدة الطهر سنة قمرية على مذهب الإمام مالك، والذي عليه العمل عند المحققين من الحنفية، والمعتمد عندهم إذا قضى به القاضي، وممَّن نصّ على الفتوى بذلك من فقهاء الحنفية: العلَّامة نجم الدين الزاهدي في “المجتبى شرح القدوري”؛ حيث قال: وقد كان بعض أصحابنا يفتون بقول مالك في هذه المسألة للضرورة، خصوصًا الإمام والدي. نقلًا عن “البحر الرائق” للعلامة ابن نجيم الحنفي والعلامة الطحطاوي في “حاشيته على الدر المختار”.
وقال العلامة محمد بن محمد بن شهاب بن يوسف الكَرْدَري الحنفي الشهير بالبَزّازي في “الجامع الوجيز” المعروف بـ”الفتاوى البزازية”: بلَغَتْ فرَأَتْ يومًا دمًا ثم انقطع ومضى حولٌ ثم طلقت؛ فعِدَّتُها بالأشهر، وإن رأت ثلاثة أيام وانقطع ومضى سنة أو أكثر ثم طلقت؛ فعِدَّتُها بالحيض إلى أن تبلغ حدَّ الإياس وهو خمس وخمسون سنة في المختار، وعند مالك: للآيسة تسعة أشهر؛ ستة أشهر لاستبراء الرحم، وثلاثة أشهر للعدة، قال العلاّمة: والفتوى في زماننا على قول مالك في عدة الآيسة.
وكلام الإمام البزازي هذا نقله جماعة من علماء الحنفية مُقِرِّينَ له؛ كشيخ الإسلام محمد بن حسين الأنقروي في “الفتاوى الأنقروية”، وقاضي قضاة الحنفية في زمنه عبد البر بن الشِّحْنة في “شرح الوهبانية”، كما في “الدر المختار” للعلاّمة الحصكفي.
وكذلك المولى شمس الدين محمد الخراساني القهستاني الحنفي مرجع الفتوى ببخارى وجميع ما وراء النهر؛ حيث ذكر أنّ بعض الأصحاب يفتون بقول الإمام مالك؛ كما في “مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر”.
والتحقيق أنَّ المراد عند الحنفية بكون الفتوى في هذه المسألة على قول الإمام مالك هو جواز إفتاء الحنفي بذلك في حالة الضرورة، وأنَّ ذلك لا يُخرجه عن مقتضى مذهب الحنفية.
ولا شك أنَّ الضرورة أو الحاجة التي تنزل منزلتَها متحققةٌ في هذه المسألة؛ فإنها مفروضة فيمن انقطع حيضها من النساء قبل سن اليأس، وفي منع المرأة من الزواج إلى بلوغ هذه السن من الحرج والمشقة ما لا يخفى، فإذا انضاف إلى ذلك تغير الزمان وكثرة المفاسد وشيوع أسباب الشهوات كانت الضرورة أعظم والحاجة إلى الفتوى والقضاء بقول المالكية أشد.
فإذا جاز قضاء القاضي الحنفي به في هذه الحالة آلَ الأمر إلى كونه هو المعمول به عند الحنفية في مسألة الضرورة أو حالتها أو زمانها، ويصدق عليه حينئذٍ أنه الأرجح في الفتوى والقضاء وإن لم يكن معتمد المذهب في النقل والتحرير.
والمعمول به قضاءً وهو ما جاءت به أحكام النقض من محكمة الأحوال الشخصية في الطعون المقدمة إليها؛ ومن ذلك ما جاء في الطعن رقم 46 لسنة 53ق: ومفاد نص الفقرة الثانية من المادة 7 من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929م، يدل -وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- على أنَّ المشرع قد جعل مدة السنة التالية للطلاق حدًّا تعتد فيه المطلقة فيما تدعيه من عدم انقضاء عدتها.
ما موقف المطلقة إذا مات الزوج في فترة عدة الطلاق.
أكدت دار الإفتاء المصرية أن المطلقة طلاقًا رجعيًّا إذا مات زوجها أثناء عدتها، فإن عدتها تتحول إلى عدة الوفاة، مشيرة إلى أن الطلاق الرجعي لا يقطع رابطة الزوجية ما دامت المرأة في العدة، وبالتالي تبقى الأحكام الشرعية للزوجية قائمة حتى وفاة الزوج.
وأوضحت الدار أن الطلاق الرجعي هو طلاق الرجل لامرأته المدخول بها طلقة واحدة أو اثنتين دون مقابل، وفي هذه الحالة يظل الزوج مالكًا لحق مراجعتها خلال فترة العدة، سواء برضاها أو بغير رضاها، ما يجعلها في حكم الزوجة من حيث التوارث وبقاء العصمة.
عدة المطلقة وعِدّة الوفاة
أشارت دار الإفتاء إلى أن عدة المطلقة تختلف عن عدة المتوفى عنها زوجها؛ فالمطلقة غير الحامل من ذوات الحيض عدتها ثلاثة قروء، ومن غير ذوات الحيض ثلاثة أشهر هجرية، أما الحامل فعدتها تنتهي بوضع الحمل.
أما المرأة التي توفي عنها زوجها، فإن كانت غير حامل فعدتها أربعة أشهر وعشرة أيام كاملة، بغض النظر عن كونها مدخولًا بها أم لا، صغيرة أو كبيرة، تحيض أو لا تحيض. بينما الحامل المتوفى عنها زوجها، فعدتها وضع الحمل مباشرة، عملًا بقوله تعالى: ﴿وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾.
المطلقة رجعيًّا إذا مات عنها زوجها
وشددت دار الإفتاء على أن الفقهاء أجمعوا على أن المرأة المطلقة رجعيًّا إذا مات زوجها وهي في العدة، فإن عدة الطلاق تسقط وتبدأ عدة الوفاة من يوم الوفاة. فإذا كانت حاملاً، عدتها وضع الحمل، وإذا لم تكن حاملاً، فعدتها أربعة أشهر وعشرة أيام كاملة، ولا يُحتسب ما مضى من عدة الطلاق قبل الوفاة.
واستشهدت الدار بقول الإمام الكاساني في بدائع الصنائع أن المطلقة رجعيًّا إذا مات عنها زوجها تنتقل عدتها إلى عدة الوفاة، لأن الطلاق الرجعي لا يقطع الزوجية. كما نقلت عن فقهاء المالكية والشافعية والحنابلة اتفاقهم على هذا الحكم الشرعي.
وأكدت دار الإفتاء أن المطلقة رجعيًّا تُعد في حكم الزوجة ما دامت في العدة، وبالتالي إذا توفي زوجها أثناء عدتها، فإنها تعتد عدة وفاة لا طلاق. وإذا كانت حاملًا، فإن عدتها تنتهي بوضع الحمل، أما إذا كانت غير حامل فتعتد أربعة أشهر وعشرة أيام كاملة.
وختمت الدار بأن هذه الأحكام تهدف إلى ضبط العلاقة الزوجية بعد الطلاق، وصيانة الحقوق الشرعية للمرأة، وتوضيح أن الطلاق الرجعي يختلف عن الطلاق البائن الذي تنقطع به صلة الزوجية مباشرة، حيث لا تتحول فيه العدة إلى عدة وفاة عند موت الزوج.