عاجل

وثيقة حكومية بريطانية

فجرتها وفاة مهاجر.. فضيحة "مانستون" تهدد أعمدة السياسة البريطانية |ما القصة؟

مهاجرون  في بريطانيا
مهاجرون في بريطانيا

كشفت وثيقة حكومية بريطانية حساسة عن احتمال استدعاء رؤساء وزراء ووزراء داخلية سابقين، إلى جانب كبار المسؤولين في الخدمة المدنية، للإدلاء بشهاداتهم ضمن تحقيق مستقل يُجرى حاليًا حول ظروف احتجاز وصفت بأنها "غير قانونية" عاشها مهاجرون في مركز “مانستون” خلال خريف عام 2022.

فضيحة "مانستون" تهدد أعمدة السياسة البريطانية

وبحسب صحيفة "الإندبندنت" البريطانية، أشار الوثيقة الصادرة عن وزارة الداخلية البريطانية، إلى أن نطاق التحقيق يمتد ليشمل شخصيات بارزة في الحكومة، في أعقاب الأزمة التي شهدها مركز الاحتجاز الواقع في مقاطعة "كينت"، والذي وجهت إليه اتهامات جسيمة بانتهاك حقوق الإنسان، بما في ذلك وفاة محتجز، واحتجاز غير قانوني لرجال ونساء وأطفال، ومزاعم تتعلق بالسرقة وسوء السلوك الوظيفي من قبل بعض العاملين.

ويأتي الكشف عن الوثيقة بعد التماس قانوني تقدمت به صحف "الإندبندنت" و"الجارديان" وهيئة الإذاعة البريطانية (BBC) إلى المحكمة العليا، ما أدى إلى رفع السرية عنها، رغم تصنيفها رسميًا "مستند حساس".

وقد تم إعداد الوثيقة خصيصًا لوزيرة الداخلية الحالية، إيفون كوبر، بعد أسابيع من فوز حزب العمال بالانتخابات العامة في يوليو من العام الماضي، وجاء فيها أن "التحقيق المرتقب قد يوجه ضربة كبيرة لسمعة وزارة الداخلية".

A letter thrown by a young girl over the fence at the Manston immigration short-term holding facility in November 2022
الوثيقة

وبحسب الوثيقة، فإن أكثر من 18 ألف مهاجر وصلوا إلى بريطانيا على متن قوارب صغيرة بين أغسطس ونوفمبر 2022، وتم احتجاز معظمهم في "مانستون". 
ووفقًا لمذكرات قانونية منفصلة، فقد أُجبر هؤلاء على النوم على أرضيات خشبية رطبة دون أغطية كافية، كما حرموا من الملابس النظيفة والدافئة، مما تسبب في ظروف احتجاز وُصفت بأنها "غير إنسانية".

وقد تم افتتاح مركز "مانستون" في فبراير 2022 ليكون منشأة مؤقتة لاحتجاز المهاجرين لفترات قصيرة، بحيث لا تتجاوز 14 ساعة، قبل نقلهم إلى أماكن إقامة مخصصة لطالبي اللجوء، عادة ما تكون فنادق تديرها وزارة الداخلية. 

وكان من المفترض ألا تتجاوز طاقته الاستيعابية 1600 شخص، إلا أن عدد المحتجزين بلغ 4000 في 31 أكتوبر2022، ما تسبب في اكتظاظ شديد وتدهور خطير في الأوضاع الصحية. 

A young girl runs towards the fence carrying a message in a bottle describing conditions inside the Manston immigration short-term holding facility located at the former Defence Fire Training and Development Centre in Thanet, Kent. Picture date: Wednesday November 2, 2022.
طفلة بمركزلطالبي اللجوء في بريطانيا

مخالفات مقلقة ووفاة غامضة

تضمن التقرير الرسمي حالات احتجاز لفترات مطولة، من بينها احتجاز عائلة واحدة لمدة 32 يومًا. كما تفشى مرض "الدفتيريا" (الخناق) داخل المركز، وتوفي مهاجر يدعى حسين حسيب أحمد، يبلغ من العمر 31 عامًا، في المستشفى بتاريخ 19 نوفمبر، بعد إصابته بأعراض تنفسية وحمى ونعاس، ولم يُحدد السبب الطبي النهائي للوفاة.

وفي مارس الماضي، تم تشكيل لجنة تحقيق مستقلة برئاسة صوفي كارترايت KC للنظر في كافة جوانب الأزمة. 

وتضمنت مذكرة داخلية صادرة عن الإدارة القانونية في وزارة الداخلية مجموعة من الادعاءات الخطيرة، من بينها: سوء السلوك الوظيفي، انتهاكات لاتفاقية حقوق الإنسان الأوروبية، انتهاكات لواجب حماية الأطفال، ومخالفات لقوانين التخطيط والسلامة العامة وسلامة الأغذية.

كما وردت مزاعم عن مصادرة غير قانونية لهواتف وممتلكات المهاجرين، بما في ذلك أموالهم، دون إعادتها، وهو ما جرى التبليغ به للوزارة في أكتوبر ونوفمبر 2022.

ريشي سوناك يفتح الباب أمام بوريس جونسون لعودة سياسية
بوريس جونسون وريشي سوناك

أسماء كبيرة في مرمى الاستجواب

تشير الوثيقة إلى قائمة بأسماء مسؤولين يُرجح استدعاؤهم للشهادة، من بينهم ثلاث وزيرات داخليات سابقات، بريتي باتيل، وسويلا برافرمان، وغرانت شابس، إلى جانب خمسة وزراء سابقين للهجرة، وأكبر موظف حكومي في الوزارة آنذاك، السير ماثيو رايكروفت، كما تشمل القائمة مسؤولين بارزين في جهات الهجرة وحرس الحدود والمكاتب الخاصة.

ومن اللافت أن المذكرة تتضمن أيضًا أسماء رئيسي الوزراء السابقين بوريس جونسون وريشي سوناك، بالإضافة إلى وزير الدفاع السابق بن والاس، والذين قد يُطلب منهم الإدلاء بشهاداتهم حول تأثير قراراتهم على الأزمة. 

Dame Priti Patel will likely have to give evidence to the Manston inquiry
بريتي باتيل

دعوات للمساءلة

في تعليقها على ما ورد في التقرير، قالت شارلوت خان، رئيسة قسم المناصرة في منظمة Care4Calais، إن هذه قائمة اتهامات خطيرة للغاية، وتعكس حجم الكارثة الإنسانية التي شهدها مانستون أواخر عام 2022". وأضافت أن ما حدث لا يمكن تبريره. نحن نتحدث عن احتجاز غير قانوني، انتهاك لحقوق الأطفال، وحتى وفاة في الحجز. يجب محاسبة من كانوا في موقع القرار، بغض النظر عن مناصبهم".

وقالت إنه تم التحذير من الظروف المهينة التي تعرض لها المهاجرون، لكن هذه الوثيقة توضح أن كبار السياسيين المحافظين كانوا على علم، وربما شاركوا في اتخاذ قرارات أدت إلى هذه الكارثة. آن الأوان لتحقيق العدالة لمن عانوا".
 

Suella Braverman was home secretary when the overcrowding crisis at Manston processing centre came to a head in October 2022.
 سويلا بريفرمان وزيرة داخلية بريطانيا السابقة

تحقيق مستقل مستمر

من جهتها، علّقت وزارة الداخلية ببيان رسمي جاء فيه ، تصرفت وزيرة الداخلية بناءً على النصائح القانونية الواردة، وأمرت بفتح تحقيق مستقل في الأحداث التي شهدتها منشأة مانستون بين يونيو ونوفمبر 2022، وذلك انسجامًا مع الالتزامات التي تبناها الوزراء السابقون، ووفق شروط اتُّفق عليها من خلال الإجراءات القانونية الجارية".

وختم البيان بالقول: "ندعم التحقيق بشكل كامل، ولكن سيكون من غير المناسب تقديم أي تعليق إضافي في الوقت الراهن، حرصًا على نزاهة واستقلالية الإجراءات".

تم نسخ الرابط