ضحكة فوق الركام.. نتنياهو يبتسم وسط صمت العالم وغضب الشعوب

الصورة التي تجمع بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ،في أجواء يغلب عليها الطابع الرسمي داخل البيت الأبيض تحمل دلالات رمزية ثقيلة، خاصة إذا ما وُضعت في سياق التوترات العالمية الحالية، والغضب المتزايد من السياسات الأمريكية، تحديدًا تلك التي تتعلق بالتعريفات الجمركية التي أعلن عنها ترامب مؤخرًا، والتي أثارت قلقًا واسعًا بشأن تأثيرها المحتمل على الاقتصاد العالمي.
إلى جانب استمرار سياسات نتنياهو العدوانية التي تواجَه برفض دولي متصاعد بسبب جرائم الحرب واحتلال الأراضي الفلسطينية.
ابتسامات على أنقاض الغضب العالمي
في قلب البيت الأبيض، تجلس الوجوه المألوفة للمشهد السياسي المتوتر، ترامب ونتنياهو، يتبادلان الحديث والابتسامات، في لحظة تبدو خارجة تمامًا عن السياق الدولي الراهن.
خلف هذه الصورة “اللامبالية” تعصف رياح الغضب الشعبي والدولي، من جهة بسبب قرارات ترامب الاقتصادية التي تهدد بإشعال حرب تجارية جديدة، ومن جهة أخرى بسبب سياسات نتنياهو الاستيطانية والعسكرية التي لم تعد تجد لها غطاءً دوليًا كما كان سابقًا.
رمز الهيمنة والتحركات السياسية من أعلى
وجود الطائرة المجسمة في الصورة ليس تفصيلًا عابرًا، بل يحمل دلالات رمزية عميقة توحي بما هو أبعد من مجرد اجتماع رسمي. الطائرة، الموضوعة على الطاولة بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تجسد فكرة التحالفات العابرة للحدود، والتحركات السياسية التي تُدار من على ارتفاعات شاهقة، بعيدًا عن الأرض وما تعانيه الشعوب من واقعٍ قاسٍ تحت هذه السياسات.
الطائرة هنا تُمثل أداة نفوذ وقوة، وسيلة لفرض السيطرة أو تصدير الأزمات، كما أنها ترمز إلى صفقات السلاح، والتعاون الأمني والعسكري بين الولايات المتحدة وإسرائيل، والذي طالما ارتبط بتحليق الطائرات في سماء الشرق الأوسط، لا لأغراض إنسانية أو دبلوماسية، بل في كثير من الأحيان لأهداف عسكرية، وقصف، وتجسس.
كذلك قد تشير الطائرة إلى الحضور الأمريكي الدائم في المشهد الإسرائيلي الفلسطيني، كوسيط غير نزيه، دائم الانحياز، يستخدم قوته للضغط والتمرير لا للحل والتوازن.
ومجرد وضع الطائرة في مركز الصورة، على مرأى من الجميع، يعكس أيضًا طبيعة العلاقات الثنائية التي تتجاوز الحدود التقليدية للدبلوماسية، وتغوص في مفاهيم الهيمنة والتنقل السريع لفرض الأمر الواقع.
إنها باختصار، تجسيد مرئي لفكرة، “السياسة تُدار من الجو، لا من الأرض”، ومن يمتلك السماء، يفرض كلمته على الخرائط.
تحالفات مبتسمة في وجه العاصفة
وبين ضحكات الساسة، يتلاشى وقع الصرخات القادمة من غزة، ومن مصانع الولايات المتحدة التي بدأت تحسب تكلفة القرارات الحمائية الجديدة.
ضحكة نتنياهو في الصورة لا تبدو مجرد ابتسامة عفوية أو تعبيرًا بسيطًا عن لحظة ودية، بل تحمل في طياتها كثيرًا من الرسائل الرمزية والدلالات السياسية.
فهي ضحكة توحي بالثقة الزائدة وربما بالانتصار، كأنها ابتسامة من يدرك أن له اليد العليا في التفاهمات الجارية، أو من يشعر أنه يسيطر على مجريات الحديث داخل الغرفة، سواء عبر العلاقة الشخصية الوثيقة مع دونالد ترامب، أو من خلال استثمار لحظة سياسية دولية تخدم أهدافه.
الضحكة هنا قد تبدو استفزازية، خاصة في ظل السياقات التي تأتي فيها، تصاعد التوتر في الشرق الأوسط، استمرار الاحتلال، وغياب أي حلول عادلة للقضية الفلسطينية.
ضحكة نتنياهو، المحاطة بفخامة المشهد في البيت الأبيض، وبتلك الطائرة الموضوعة أمامه، تعكس إدراكه لقوة النفوذ الإسرائيلي داخل القرار الأمريكي، وإحساسه بأن هذا اللقاء لا يعقد لتقديم تنازلات، بل لترسيخ مزيد من المكتسبات.
هي ضحكة من يعرف أن الظهور مع ترامب بحد ذاته رسالة قوة، وأن ما يقال أمام الكاميرات أقل أهمية مما يدار خلفها.
وقد يراها البعض ضحكة سياسية بامتياز، تخفي وراءها حسابات معقدة من النفوذ، والتفاهمات الأمنية، والتحركات المستقبلية، خصوصًا في لحظة دولية تغلي بالغضب على سياسات ترامب الاقتصادية وقرارات إسرائيل الاحتلالية، إنها ضحكة تقول الكثير دون أن تنطق، وتعبر عن مواقف كاملة بمجرد لمحة وجه.
تحالفات على حافة الانفجار
هذه الصورة، وإن بدت عابرة، تحمل كل عناصر “الفيوتشر السياسي القاتم” الذي يخشاه العالم، شراكة بين من يثير الأزمات الاقتصادية، ومن يغذّي النزاعات العسكرية، في وقتٍ يبحث فيه العالم عن طريق للتهدئة والسلام.
في ظل هذا المشهد، يبقى السؤال هل ستبقى هذه “التحالفات المبتسمة” صامدة في وجه موجات الغضب الشعبي؟ أم أن ثمن هذه السياسات سيُدفع قريبًا في الشارع، وفي صناديق الاقتراع، وربما في المحاكم الدولية؟.